عبدالله المزهر

هل وجدتموها؟!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 23 مايو 2019

Thu - 23 May 2019

مضى من رمضان ثمانية عشر يوما، والحقيقة أنها مضت وكأنها ثمانية عشر يوما، لم أشعر أنها أسرع من ذلك ولا أبطأ، ولا أعلم هل يعود ذلك لقلة إيماني أم أن الأمر طبيعي وفي سياقه.

صحيح أن رمضان شهر لذيذ ومختلف، لكني لم أشعر بتلك الروحانية التي يتحدث عنها الناس في تغريداتهم ومقالاتهم، مع أني أحاول جاهدا الوصول إليها والعثور عليها. ولا أزعم أو أدعي أنها غير موجودة، لكني أقول إن الوصول إليها صعب جدا والبحث عنها في أكوام الأشياء التي تحيط بها مع أنه لا علاقة لها بها يبدو كالبحث عن إبرة في كومة قش، وبالمناسبة فلم يسبق لي أن بحثت عن إبرة في كومة من القش، ولم أسمع أن أحدا بحث عنها هناك من قبل، ولا أعلم ما الذي يجعل الإبرة تضيع في هذا المكان تحديدا لكني أسمع هذا المثل كثيرا وكنت أتحين الفرصة لاستخدامه، وقد كان.

خرجت هذا الشهر من المنزل قبل المغرب مرتين، ومع أن سكان المنطقة الشرقية هادئون مسالمون إلا أن الأمر لم يكن كذلك، فقد كدت أدخل الحرب أكثر من مرة، لأسباب لا تدعو للاشتباك المباشر في الأيام العادية، وتعتبر من الحريات المقبولة قبل وبعد رمضان. مثل البطء في التحرك عند إشارة المرور أو الحصول على قطعة خبز إضافية في المخبز.

هذه الأشياء في رمضان وقبل المغرب تحديدا قد تكون سببا في وقوع اشتباك مسلح في أكثر مناطق المملكة هدوءا، وهذا ما يزيد صعوبة تخيل الوضع في مناطق العصبيين و»الزعولين».

ومع أن الصيام من العبادات التي لا مظهر لها، وهي بين العبد وربه، إلا أن كثيرا من الخلق يصر على أن يظهر للآخرين أنه صائم، فيبدو مكفهر الوجه مقطب الحاجبين، عليه من وعثاء كل شيء، كأنك انتزعته للتو من تحت الرماد.

مع أن كل ما في الأمر أنه لم يأكل منذ بضع ساعات، وسيأكل بعد ساعات أكل من يظن أنه لن يرى طعاما قط بعد ساعته تلك، ولا أعلم من أين أتت فكرة أن هذه مظاهر التعبد التي لا بد أن تظهر على الصائمين. ولا من أين أتت فكرة أنه لا بد أن يعرف الآخرون ـ الصائمون أيضا ـ أني صائم.

وعلى أي حال..

لم يرد ـ حتى الآن ـ ما يدل على أن الابتسامة تجرح الصيام، ولا أن الوجه البشوش يتعارض مع «روحانية» الشهر، ولم يثبت عن أحد أنه قال إن العبوس يضاعف الأجر، ولكنكم ـ يا بعض الناس ـ قوم تقدسون الأكل ويحزنكم فراقه سويعات قليلة وكأنكم ما خلقتم إلا لتأكلوا.

agrni@