حنان درويش عابد

أين يصل الاحتراق الوظيفي بالمؤسسات؟

الخميس - 23 مايو 2019

Thu - 23 May 2019

تلعب الممارسات الإدارية دورا بارزا في التأسيس لبيئة عمل جاذبة أو طاردة، ويعد الاحتراق الوظيفي مظهرا من مظاهر عدم إدراك المديرين ليس فقط لمبادئ الإدارة الصحيحة، ولكن أيضا يأتي مظهرا من مظاهر انعدام فهمهم لقيمة الإنسان بغض النظر عن الأدوار التي يمكنه أو لا يمكنه أن يلعبها.

وعندما يتحول المدير إلى شخص غير قادر على معرفة القيمة الإنسانية لموظفيه بعيدا عن لغة الأرقام والأرباح، فإن كثيرا من الممارسات الإدارية الخاطئة المتعمدة وغير المتعمدة تبدأ بالظهور، معلنة بداية مرحلة جديدة لموظف واحد أو لمجموعة من الموظفين الذين يبدؤون بالتململ، وينتهي بهم المطاف في مؤسسة أخرى، أو يستمرون على رأس عملهم في حالة من التذمر من مؤسستهم.

ونتيجة لوجود بيئة عمل يفشل صناعها في تعزيز مفاهيم روح الفريق، يصبح الموظف معرضا للإصابة بالإنهاك النفسي والجسدي والفكري، وينعكس ذلك سلبا وبشكل متسارع ومباشر على أدائه في العمل، وعلى رغبته بالاستمرار أو مواصلة بذل الجهد لصالح مؤسسته، ناهيك عن قيامه بالعمل وفق أدنى مستويات الأداء، رغبة في كثير من الأحيان في الثأر لكرامته، حيث يتعرض ربما عشرات من الموظفين يوميا لانتهاكات واضحة وصريحة وعلنية في أماكن العمل.

ويعد فقدان الموظف لثقته بنفسه من أكثر نتائج الاحتراق الوظيفي تأثيرا على جودة خدمات أو منتجات المؤسسة، وحينما يصل الموظف إلى مرحلة شعوره بتدني إنجازه يكون أمام خيارين، أولهما الاستمرار في العمل وفق مستويات منخفضة، حيث يتجنب الدخول في تجربة الانتقال إلى مؤسسة أخرى لضعف ثقته في نفسه، أو ينتقل إلى مؤسسة أخرى، وأما الموظف المستمر على رأس عمله فيصاب بفقدان رغبته في التواصل مع زملائه ورؤسائه، وتصبح المؤسسة بالنسبة إليه مكانا يقضي فيه أسوأ أوقات يومه، وقد نرى في كثير من الأحيان موظفين يشعرون بالغبطة إذا ما أصيبت المؤسسة التي يعملون فيها بأزمة، حيث تتحول بيئة العمل في مجملها إلى بيئة تسودها مشاعر التذمر.

ويجهل كثير من المديرين ومسؤولي المؤسسات ما يمكن أن يؤدي إليه الاحتراق الوظيفي، ويبدو الأمر في كثير من الأحيان أشبه ما يكون ناتجا عن جهل أو قلة خبرة، يصبح فيها وجود ذلك المسؤول على رأس فريق عمله خطأ كبيرا يجب تصحيحه، فالإدارة ليست مجرد مهارات وخبرات، ولكنها في المقام الأول سلوكيات وممارسات اتصال مؤسسي، ومن يفتقر إلى أسس الاتصال المؤسسي لن يتمكن من تعزيز بيئة العمل والوصول بها إلى ما يجعل الموظفين منسجمين للوصول إلى تحقيق مستهدفات المؤسسة أو المنظمة الاستراتيجية.

hananabid10@