دخيل سليمان المحمدي

إدارة الأزمات إعلاميا

الأربعاء - 22 مايو 2019

Wed - 22 May 2019

في عصر التطور والتكنولوجيا التواصلية تراجعت عند كثيرين مفاهيم الإعلام على أنه رسالة، ونمت لديهم فكرة أنه سلعة ترويجية، وذلك مع خصوبة أرضية برامج التواصل الاجتماعي ومنارتها الإعلامية لنشر الشائعات التي تؤدي دورا محوريا في نشوب الأزمات وإثارتها في المجتمع باختلال النظم الاجتماعية والاقتصادية والأمنية وغيرها، خاصة بعد أن أصبحت الشائعات عبر هذه الوسائل صناعة وخطة حرب نفسية لبعض الجهات والشخصيات، وشد انتباه لبعض قاصري النظر.

وهذا نشعر به مع كل حادثة أو أزمة عندما تهب رياح وعواصف تلك البرامج بالنشر والانتشار في التحقيق والتحليل، فالضئيل منها قد يكون على حق ولكن معظمها ينطبق عليه المثل الشعبي «مع الخيل يا شقراء». شاهدناهم ينشرون صورا ومقاطع لا تمت للحادثة المعنية بأي صلة، لا من حيث المكان ولا الزمان، ولكن مجرد إشباع فضول أو بحثا عن شهرة أو متابعين أو الركض خلف السبق الخبري الذي يسبب نقل معلومات وهمية دون تحقق، أو قد تكون لدى بعضهم أهداف لزعزعة الأمن والأمان في هذا الوطن الغالي.

ومع الأسف الشديد لقد اعتمد كثير من المواطنين على وسائل الإعلام الجديد أثناء تتبع أخبار الأزمات، تتصدرها منصة تويتر، حيث سرعة الحصول على الأخبار بدلا من الإعلام التقليدي، وهذا يعود إلى تسارع الأحداث ووفرة الأخبار خلال أزمة الوقت، وإمكانية الوصول الفوري إلى أحدث المعلومات وتوفير حرية التعبير من خلالها، وسبب ذلك شعورهم بأن المعلومات المقدمة إليهم من خلال وسائل الإعلام التقليدية متحفظة وبطيئة.

ولما للإعلام من دور بارز ومؤثر إيجابا أو سلبا في تعامل وتفاعل الجمهور مع الأزمات، وجب على كل منشأة تخصيص حسابات رسمية ومتحدث على قدر كبير من الكفاءة والتأهيل والخبرة ليتولى المبادرة دائما في التصريح والتوضيح للجمهور عن الأزمة المعنية، مع مراعاة كل أحداثها وتأثيراتها المحتملة أمام أجهزة الإعلام تفاديا لتناقض التصريحات. مع قدرته على التعامل بموضوعية وعدم انفعال أمام أجهزة الإعلام عند سرد الحقائق التي تم التحقق من صحتها، وذلك لإزالة مناخ الغموض وتفادي تولد الإشاعات، لأن التعتيم الإعلامي والصمت سيؤديان إلى إرباك تقوم به وسائل الإعلام الجديد لإشباع رغبات الفضول المتعطش من كثيرين، واستغلال فرصة فوضى نشر المعلومات غير الرسمية، والشائعات والتأويلات واختلاق الأخبار الكاذبة، وأحيانا الفزع والخوف بين المواطنين، في ظل غياب وتهميش المصدر الأساسي للمعلومة.

أخيرا إننا لا نستطيع تهميش وسائل التواصل الاجتماعي في حال حدوث الأزمات والكوارث، ولكن نستطيع أن نجعلها منبرا فعالا ومحوريا في نقل الخبر الحقيقي، ويكون ذلك بالمتابعة والرد السريع والمقنع على كل ما يثار من شائعات ومعلومات تجاه الواقعة، وهذا يتطلب من المراكز الإعلامية كثيرا من المتابعة والتواصل ومعرفة الحسابات المؤثرة والفعالة.

dakhelalmohmadi@