لماذا الدعوة السعودية للقمة العربية والخليجية؟

الأربعاء - 22 مايو 2019

Wed - 22 May 2019

يمر العالم العربي هذه الأيام بمرحلة ربما تكون الأسوأ في تاريخه الحديث، فقد تشظى إلى دول متفرقة لا تكاد تلتقي فيه دولتان على رأي واحد. وقد ظهرت بدايات هذا التردي في نهاية القرن الماضي مع غزو العراق للكويت والذي أدت تداعياته إلى حصار العراق اقتصاديا ثم تجييش الولايات المتحدة لجبهة «من ليس معنا فهو ضدنا» ثم احتلال العراق وما نجم عنه من مآس على مختلف الصعد، واستغلال النظام الإيراني للفوضى التي خلقتها الإدارة الأمريكية - عن قصد أو عن غير قصد - للتغلغل في ذلك البلد العربي تحت سيناريوهات وشعارات شتى.

من هنا بدأ المخطط الإيراني للتمدد في المنطقة على حساب الأمن القومي العربي، واستغلت إيران الأحداث في سوريا لتحريك أدواتها وأذرعها الطائفية للقتال إلى جانب النظام وكل ذلك بدعوى الدفاع عن محور «المقاومة والممانعة»!

لقد كانت الأحداث السورية وأخطاء الإدارة الأمريكية وامتناعها عن دعم المعارضة السورية بالأسلحة النوعية بمثابة هدية من السماء لإيران التي حولت وسط دمشق إلى حوزة من حوزات مدينة قم، ترتفع فيه مختلف الرايات الخضراء والحمراء والصفراء وغيرها من الوان الطيف.

كل ذلك أيضا بهدف حماية المزارات والأضرحة الشيعية، بينما تراجع شعار «الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا» وسلمته إيران لعصابات الحوثيين المضللين الذين وضعوه على أذرعتهم وعصبات رؤوسهم وأكعاب بنادقهم.

مما لا شك فيه أن إيران قد استغلت التعصب الطائفي والمذهبي من أجل حشد التأييد الشعبي بين الطبقات الأشد فقرا وجهلا. وعلى الرغم من أن المنطقة العربية ومنطقة الخليج قد عرفت على مدار التاريخ بتسامحها الديني، إلا أن نظام العمائم حاول ضرب النسيج الاجتماعي في دول الخليج العربية من خلال نشر النعرات الطائفية واستعداء الآخر بل وحتى القيام بعمليات تخريب ومحاولات اغتيال، كانت الكويت أبرز ساحاتها. بل إن عددا كبيرا من الليبراليين الإيرانيين الذين شاركوا في «ثورة» الملالي تعرضوا للقتل والمطاردة والسجن والتهجير.

«ثورة» الخميني على نظام الشاه قبل نحو 40 عاما تعهدت بتصدير هذه البضاعة الرديئة إلى المنطقة، وكانت أولى خطواتها التحرش بالعراق ثم الدخول في حرب استمرت ثماني سنوات. هذه الحرب عمقت أيضا سيكولوجية العداء للآخر وتكفيره ثم فرخت تنظيمات عسكرية وشبه عسكرية لتصدير الثورة.

ولكن أي ثورة هذه التي يتحدثون عنها؟

بعض الثورات في التاريخ حملت معها التغيير والتقدم، لكن الثورة الطائفية الإيرانية لم تجلب معها سوى التخلف والجهل، فهذه «الثورة» أدت إلى إفقار الشعب الإيراني وسرقت ثروات البلاد ومستقبلها، وأنفقت مليارات الدولارات على التسلح والبرنامج النووي والصاروخي، في الوقت الذي لا تستطيع فيه إيران التعامل مع آثار الزلازل أو الفيضانات التي تشهدها البلاد من حين إلى آخر.

إن من الواضح الآن أن التجييش المذهبي والطائفي والبرنامج النووي والصاروخي لم يكن يستهدف إسرائيل أو الولايات المتحدة، وإلا فقد أتيحت لإيران الفرصة لضرب القوات الأمريكية في العراق وضرب إسرائيل من سوريا، ولكنها لم تفعل لأنها لم تكن تنوي ذلك أصلا، فإسرائيل وإيران دولتان دينيتان تتبادلان الأدوار الوظيفية في المنطقة ولا يمكن أن تتقاتلا، فالكلب لا يعض ذيله كما يقولون.

لذلك فإن المخطط الإيراني كان ولا يزال يستهدف المشروع البديل وهو المملكة وقيادتها والأماكن الإسلامية المقدسة.

أما الحرب مع أمريكا، فهذه قصة أخرى وقد لخصها أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى في تصريح له بالقول «لو لم تكن إيران موجودة لخلقتها الولايات المتحدة».

ولأن إيران لا تستطيع مواجهة القوة العسكرية الأمريكية على الرغم من كل هذه الجعجعة، فقد لجأت أخيرا إلى عمليات التخريب ضد السفن التجارية وأوعزت إلى عملائها الحوثيين لتكثيف عملياتهم التخريبية ضد المملكة.

في ضوء كل هذه السيناريوهات، جاءت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لعقد قمتين عربية وخليجية في مكة المكرمة لوضع القادة العرب ودول الخليج أمام مسؤولياتهم، وعليهم أن يدركوا أن الخطر الإيراني لا يستثني أحدا. أما تهديد المملكة فهذا حلم إبليس في الجنة، فالمملكة وقيادتها عصية على المخططات والمؤامرات الظاهرة والخفية، وسوف تنتصر في نهاية المطاف وسوف تنكفئ إيران أمام صمود قادتنا ووفاء شعبنا.

alharbit1@