المسؤول المسؤول!

أحب كثيرا المسؤولين المسؤولين، لأنه يوجد بكل تأكيد مسؤولون لا علاقة لهم بالمسؤولية، والذين أعنيهم وأشير إليه هم أولئك الذين يتضح في عملهم أنهم يدركون ويعون تماما أن وجودهم في المنصب تكليف، وأن المنصب ليس سوى وسيلة من أجل مهمة لا بد من إنجازها، وليس هو الغاية في حد ذاته.

هذه العينة من المسؤولين هم الأقلية بالطبع في كل مكان في العالم، وندرة وجود المسؤول المسؤول أمر لا يخصنا فقط.

وأنا على قناعة أن أمير منطقة عسير واحد من هذه العينة المثيرة للبهجة والتفاؤل، الذين يجعلونك تؤمن رغما عنك بأن المستقبل أجمل وبأن الغد يستحق الانتظار.

أحترم كثيرا المسؤول الذي لا ينتظر التقارير، بل يذهب هو بنفسه ويشاهد ويقرر ويتابع قراراته. صحيح أن الدقة والإبداع في تحمل المسؤولية أشياء مرهقة وتستنزف الحياة، لكن هذا الإرهاق وهذا التعب هو ثمن النجاح.

وأتوقع أن تظهر نتائج هذا الفكر المتوهج قريبا، وواثق أن المسألة مسألة وقت لا أكثر، وستتخلص المنطقة من الأفكار التي أرهقتها عقودا من الزمن، وستنال ما تستحقه من اهتمام وتنتهي فكرة التركيز فقط على أبها وضواحيها، مع أن المنطقة شاسعة مترامية الأطراف.

والحقيقة أني مؤمن أن العمل الصائب هو المنتظر من الجميع، المسؤولين والذين لا يسألهم أحد، وأن مهمة الصحافة الأهم والأوجب هي الحديث عن أوجه التقصير. الصحافة يجب أن تكون مثل شرطي المرور، وليس من المنطقي أن تشاهد رجل مرور يستوقف سائقا لكي يخبره أن قيادته رائعة. أما الحديث عن الإنجازات فهذه مهمة العلاقات العامة وليست مهمة الصحافة والإعلام حسبما أفهم الأمر. وفهمي ـ كما تعلمون ـ قضية محل شك وفيها نظر.

وإذا كان علي أمين يقول بأن مهمة الصحافة هي توصيل ما يريده الناس إلى المسؤول وليس العكس، فإني سأقبل بأن تكون مهمتها تسير في الاتجاهين.

وعلى أي حال..

ومع أني أتجنب كثيرا الإشادة بمن لا أستطيع انتقادهم، حتى يكون للإشادة معنى وللنقد قيمة، إلا أني اعتمدت في كتابتي وفرحي بما يفعله أمير عسير على أمرين، الأول ـ وهو أمر ثانوي ـ أني سعيد حقا بعمله، والثاني ـ وهو أمر «ظني» ـ أنه فيما يبدو لي من تلك النوعية من المسؤولين الواثقين الذين يتقبلون النقد ويطلبونه ويسعدون به، وأني لن أجد حرجا في نقد عمل هنا أو هناك من أعماله، فهو يعمل كثيرا وسأجد فرصة يوما ما لتعويض شعوري بالامتعاض الذي تسببه إشادتي بالأشياء والأشخاص.

agrni@