أبعدوا القادة النرجسيين!

الاثنين - 13 مايو 2019

Mon - 13 May 2019

تعتبر النرجسية إحدى رؤوس الثالوث المظلم إلى جانب الميكافيلية، والسيكوباثية (الاعتلال النفسي)، والتي أثبتت الدراسات التجريبية والعلمية تداخلها، ويدرك المتخصصون في القيادة وعلم النفس خطر القادة النرجسيين على المنظمات، لأنهم يجلبون النرجسية معهم من تعزيز لسلطة الرجل الواحد، والميل إلى التقليل من جهود الآخرين، ومحاربة الناجحين في المنظمة، وتحويل بيئة العمل إلى بيئة طاردة.

والشخصية النرجسية تتصف بسمات لخصها الدكتور تنسيون لي في إحساس متعاظم بأهمية الذات، وخيالات بالنجاح والنفوذ، واعتقاد بخصوصية الذات وتفردها، والمطالبة بتلقي إعجاب مفرط، والاتسام باستغلال الأشخاص (الأنانية)، والافتقار إلى التعاطف مع الآخرين، والحسد، وسلوكيات واتجاهات متغطرسة متعجرفة.

هذه السمات لا يمكن التعايش معها كونها تمثل سلوكا لا يدعم فرص النجاح والتقدم، لذلك تجد أن المبدعين والأشخاص الناجحين، خاصة ممن يعملون بشكل مباشر مع هذا النمط مع القيادات، لا يستمرون في العمل ويختارون الرحيل أو الاستقالة، وفي أسوأ الأحوال يتحاشون التواصل المباشر مع هذا النمط من القيادات، لأن أصحاب هذا النمط لديهم حساسية عالية تجاه النقد، وشديدو التقلب، وينفجرون بوجه الآخرين الذين يطرحون افتراضات مناقضة لرؤيتهم أو يشككون في قدراتهم.

وعادة ما ينزع القادة النرجسيون إلى الدخول في حقل كبير من المصاعب والنزاعات لأن الاستعدادات الكامنة «أو الجوانب المظلمة» المتعلقة بالإحساس المتضخم بقيمة الذات سوف تطفو في النهاية وتعوق القيام بأي ممارسة قيادية جيدة. وهو ما عده الباحث في علم النفس التنظيمي في جامعة فلوريدا تيموثي جدج أبرز الأمثلة على طفو «الجوانب المظلمة»، لأنهم مهووسون بالتنافس، ومتمحورون حول ذواتهم، انتهازيون واستعراضيون، ولذلك يعمدون إلى إحاطة أنفسهم بعدد من المنتفعين بما يمكنهم من ممارسة استعلائهم عليهم، ويستخدمون سياسة التصغير والتحقير مع الأشخاص المنافسين لهم حتى ولو كانوا أقرب المقربين إليهم.

المصيبة أنهم لا يدركون الحالة المرضية التي يمرون بها، ولا يميلون إلى علاج أنفسهم، لأنهم يشعرون بالتفوق أو بسبب تحقيقهم لنجاح مبدئي، ولن يعترفوا بعيبهم ويلجؤوا للعلاج إلا بعد أن يتسببوا في مشاكل.

والمهم من هذا كله أن كثيرا من منظماتنا الحكومية والخاصة مليئة بالقادة النرجسيين، وحضورهم في دفة قيادة هذه المنظمات لم ولن يأتي بخير للمؤسسة، لأنهم مصدر أمراض إدارية تنخر جسد تلك المنظمات، ومصدر تسميم لأجواء العمل، وإحباط للعاملين معهم، لذلك عانت وستعاني وستظل تلك المنظمات ما لم يكن هناك معايير واختبارات تجري للقادة المحتملين والمرشحين قبل اختيارهم وترشيحهم، فالمقاييس والاختبارات التي تكتشف هذا النمط من الشخصيات كثيرة، وحتى ذلك الحين أعيد وأكرر أبعدوا القادة النرجسيين عن قيادة المنظمات إن أردتم لها نجاحا.

mohdalofi@