عاصم الطخيس

السيناريو وصناعة السينما عالميا

الجمعة - 10 مايو 2019

Fri - 10 May 2019

في الوقت الذي تتفق فيه كثير من تعليقات المشاهدين لفيلم أو مسلسل تلفزيوني عربي أو خليجي رصدت له ميزانية ضخمة وإمكانية متقدمة في الإنتاج، على أن كل ذلك لم يكن كافيا لإبقاء أحدهم لإكمال مشاهدة ذلك الفيلم أو المسلسل التلفزيوني، تتضافر آراؤهم حول أحداث القصة التي كانت بطيئة أكثر من المحتمل، والشخصيات التي بدت خاوية منذ البدء، والحوار الذي دار سطحيا وبلا معنى. حينها أستذكر مقولة المخرج العالمي الراحل ألفريد هيتشكوك (Alfred Hitchcock) الذي يعد أحد أبرز مخرجي الأفلام في العالم، والتي يؤكد من خلالها مدى أهمية السيناريو في نجاح أي فيلم بغض النظر عن ميزانية إنتاجه، ومعدات التصوير، وأسلوب الإخراج المستخدم «هناك ثلاثة عناصر لصناعة أي فيلم جيد، وهي: السيناريو، السيناريو، السيناريو».

إذن، يمكننا تعريف السيناريو بأنه ما يقوم به كاتب السيناريو من خلق شخصيات تتمتع بأبعاد مختلفة ووضعها ضمن سرد قصصي مترابط من حيث الأحداث والتعقيدات مع مزيج من الحوار الهادف الذي يملأ فراغات القصة. إن نص السيناريو هو العمود الفقري للفيلم، ومن خلاله يقوم الممثلون، والمخرجون، والمحررون، مخرجين الصورة، والكثير غيرهم من أخذ المعلومات التي يحتاجونها لخلق عالم الفيلم.

بدايات هوليوود لم تكن كما هي الآن، تعتمد على الربحية فقط، بل كانت مزيجا من الفن الراقي الذي يحمل معاني ومفاهيم عدة تلامس حياة المشاهد أينما كان. كيف حدث ذلك؟

مع نهاية القرن الـ 18 وازدياد البطالة والفقر في أوروبا هاجر كثير من الأوروبيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن لقمة العيش وسعيا لتحقيق أحلامهم، فكان من أولئك: المفكرون، الأدباء، المخرجون وكتاب السيناريو والروائيون. كانت الولايات المتحدة وقتها قد نشرت إعلانات الهجرة إليها، وأنها أرض الأحلام، وهذا ما دعا كثيرا منهم للهجرة إليها وانتظار مستقبل مجهول. لكن على الرغم من ذلك، فقد استفادت أمريكا من هذه العقول الإبداعية ووفرت لهم كل ما يحتاجونه من دعم معنوي ومادي، فكانت تلك انطلاقة صناعة السينما وقتها، بما يعرف بهوليوود فيما بعد. كان أولئك المحترفون المبدعون هم من أسس قواعد هوليوود بشكل مدروس ووضعوا الخطة الاستراتيجية لعقود مقبلة.

يعتقد أن فيلم «رحلة إلى القمر» عام 1902، للمخرج الفرنسي جورج ميلييس (Georges Méliès) هو نواة وبداية نص السيناريو الحقيقي، وعلى الرغم من كون الفيلم صامتا، إلا أن سيناريو الفيلم كان يحتوي على توصيفات معينة وخطوط حدث تماثل وتحاكي نص السيناريو في وقتنا الحالي. كما أن نص السيناريو لفيلم «سرقة القطار العظيم» عام 1903 للمخرج الأمريكي إدوين بورتر (Edwin Porter) يبدو مشابها لتركيبة سيناريو ميلييس، لكنه كان أطول بعشر دقائق. ومع مرور الوقت أصبحت الأفلام أطول وأكثر تعقيدا، فالحاجة لنص سيناريو أصبحت ضرورة ملحة في هذه الصناعة.

ومن الأحداث التي أثرت على تطور نصوص السيناريو افتتاح دور العرض السينمائية، كما أن المشاهدين ورقعة انتشارهم الواسعة وتمتعهم بثقافة عالية، كانت لزاما أن تكون القصص على نفس الرقي والذائقة الفنية. وحين تم عرض أول فيلم غير صامت عام 1927، منذ تلك اللحظة، أصبحت كتابة السيناريو تتمتع بمكانة مهمة جدا في هوليوود. تلك الحقبة الذهبية من عام 1930 زادت من أهمية السيناريو في الوقت الذي كان يطمح فيه مديرو الاستوديوهات في إنتاج أكبر عدد من الأفلام، وبالتالي كان الحصول على المعالجة النصية لسيناريو الفيلم - والمتعارف عليه آنذاك بسيناريو الاستمرارية - قبل البدء بتصوير الفيلم مهما للغاية.

تعد سنة 1970 فاصلة في تغيير مجرى الصناعة كاملا لكتاب السيناريو بعد إنشاء «سيناريو المواصفات» الذي يعد الركيزة الأساسية لكتابة السيناريو في وقتنا الحالي، مع بعض التعديلات الخاصة بالشخصيات وأنواعها وطريقة سرد القصة بأركانها المتعددة.

هؤلاء، كتاب السيناريو والمنتجون والمخرجون وطاقم العمل، لم يتوقفوا عند العمل الفني فحسب، بل تم فتح جامعات ومدارس لتعليم فن صناعة السينما، وبذلك استطاعت الولايات المتحدة أن تكون رائدة في مجال صناعة الأفلام من خلال تلك العقول المهاجرة المبدعة.

ما هو السيناريو وكيف نشأ؟

هل للمهاجرين دور في انطلاقة صناعة السينما الأمريكية؟

متى ظهر نص السيناريو الحقيقي؟

ما دور »سيناريو المواصفات« في تبلور هذا الفن؟

AsimAltokhais@