عبدالله العولقي

الفيصل يتوشح وسام الملك عبدالعزيز

الاثنين - 06 مايو 2019

Mon - 06 May 2019

في دنيا الإبداع، تتميز نخبة بتعدد المواهب والفنون، ومن هؤلاء شخصية المقال الأمير خالد الفيصل الذي عرفناه متألقا في فن الشعر ومبدعا في ريشة الرسام، وأستاذا في روعة القول والإلقاء، وقائدا ملهما في فنون الإدارة والمهمات الصعبة، ورجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

ما تتميز به شخصية الأمير خالد الفيصل حبه للريادة وولعه بالتميز، وهذا هو دأب العباقرة والعظماء، فمثلا عندما نتريث مع قصيدته «المعاناة» نتعجب من سلاسة التدفق الشاعري للمعنى في أبياتها، ونتساءل كيف استطاع الشاعر أن يسبر أعماق النفس الإنسانية ويستكشف بواطنها وأسرارها بهذا الذكاء؟!

وأذكر أنني كنت مرة في جلسة ثقافية وسمعت أحد النقاد يتحدث عن القصيدة كأفضل ما تفوهت به العرب عن معاناة النفس وتباريحها، والأمر نفسه أقوله عن قصيدته الشهيرة «مجموعة إنسان»، عندما صورت وببلاغة مدهشة معاني التناقض في النفس البشرية، ورسمت كومة المشاعر المختلطة للمرء في تبايناتها المتنوعة في لحظات الفرح والحزن، وفي مشهد الدمعة والابتسامة، وفي غريزة الحب وبراءة العشق عندما تنتصر مكاحل النجلاء على كبرياء الفارس المغوار.

ولأن الحديث عن خالد الفيصل لا بد أن نشيد بدور تاريخي وثقافي يحسب له عندما استطاع مع ابن عمه الظاهرة الشعرية الكبيرة الأمير بدر بن عبدالمحسن إخراج القصيدة النبطية من حيز الجغرافيا الضيقة في الصحراء العربية إلى آفاق عروبية واسعة في حواضر الهلال الخصيب وبين شعوب الشمال الأفريقي، ولعل انتهاجهما مذاق اللغة الوسطية بين العمق التاريخي لفصاحة اللغة العربية وواقع اللغة المحكية والشفهية بين الشعوب العربية اليوم هو تعليل مقبول لذيوع الشعر النبطي وانتشاره، ولا سيما أن ذلك المذاق هجر الربابة البدوية إلى آفاق حداثة الموسيقى الاحترافية والمقترنة بنغمة الإيقاع الشرقية التي لم تمنحها بعدا عربيا فحسب، بل حولتها بكل صراحة إلى أداة من أدوات القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية.

وهنا لا بد من الإشارة إلى قوة المعنى في قصائد الأمير، ولا يجهل القارئ الكريم أن هذا السر هو مفتاح خلود القصيدة عموما وتاج تميزها في الديوان العربي، ولعل الدكتور عدنان جواد الطعمة عندما أراد أن يقدم الأدب العربي إلى الثقافة الألمانية كمواد مترجمة تعكس آفاق الثقافة العربية وتتسم بمعايير الجودة الأدبية الراقية وتمتلك في بنيويتها بهاء الصورة الشعرية الثرية والمتكاملة؛ لم يجد في مواد النص الشعبي العربي قوة في المعنى تضاهي قصائد خالد الفيصل، ولهذا ضمها في مجموعته الأدبية المترجمة كإثراء للمكتبة الألمانية.

وأخيرا، يأتي منح الأمير وشاح الملك عبدالعزيز تتويجا لمسيرته الشعرية المتميزة، وتقديرا لجهوده الإدارية والحكومية المتميزة، ولا سيما عندما يأتي التتويج من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، قائد هذه البلاد المباركة، وصانع نهضتها الحديثة، ومؤسسة الثقافة والفكر في بلادنا، فحفظ الله قادتنا، ورعاهم إلى كل خير.

@albakry1814