مانع اليامي

وللناس ألسن!

الجمعة - 03 مايو 2019

Fri - 03 May 2019

في حياتنا اليومية ما يُظهر أن ثمة ولعا بالغيبة واتصالا قويا بها، والشاهد أن عين المتتبع لمواقع التواصل الاجتماعي كمثال لن تخطئ حب البعض للانتقاد والحديث عن الآخرين بما يسيء لهم ويعيبهم، إما استهزاء أو حسدا أو انتقاصا وما إلى ذلك.

المحزن أن المسألة لا تنحصر في مواقع التواصل، بل حتى المجالس الخاصة المفترض إنكارها للغيبة أصبحت مشمولة بهذه الآفة في كثير من الأحايين، حيث يطغى الحديث عن سقطات الغير وتضخيمها، ومن النادر جدا أن تنقل المحاسن، والحقيقة أنه من المعيب في كل الأحوال أن تحفظ العيوب وتنقل ولا تحفظ المحاسن ولا تنقل. والأكثر عيبا التمادي حقدا أو حسدا في التفتيش عما خفي من أمور الناس الخُلقية أو الخلقية، وجعلها محور كل حديث مجرد من المروءة دون خروج صوت رادع.

باختصار، شبه الله المغتاب بآكل لحم أخيه، وكفى بآياته سبحانه وتعالى زاجرا «ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه»، ومع هذا التوجيه الرباني نرى البعض لا يكف عن الغيبة، ليس هذا فحسب، بل يجند وقته للبحث عن كل كلمة عوراء تفتح له النافذة على تصدير الإساءات، متناسيا أن من بحث عن عيوب الناس بحث الناس عن عيوبه، وقد تكون أوسع وأكثر ولا بهتان فيها.

في العموم، إذا كان لسان حال الوقت الراهن يقول إن الغيبة بكل قبحها تتفشى حفظا ونقلا إلى حد بعيد بدوافع رخيصة في الغالب الأعم، فالعاقل من يعلم سوءها وخطورة انعكاساتها - أي الغيبة - وينكرها ولا يستمع لها، ويفكر في المقابل في نقصه وعيوبه ويعمل على إصلاحها ليستقيم أمره، عوضا عن الانشغال بالناس والتعرض لهم بما ليس فيهم أو النبش فيما كرهوا أن يظهر.

ختاما، يقول الإمام الشافعي:

لسانك لا تذكر به عورة امرئ

فكلك عورات وللناس ألسن

أنتهي هنا، وخالص التهاني بحلول شهر الخير. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]