تشكي القطاع الخاص

الأربعاء - 01 مايو 2019

Wed - 01 May 2019

تزايد في الأيام الأخيرة تشكي البعض نيابة عن «القطاع الخاص» في شبكات التواصل الاجتماعي، وصفوا الحال وطالبوا بالعدول عن بعض قرارات الرسوم والضرائب وغيرها، ولكن لم يتطرق أي منهم لبرنامج دعم القطاع الخاص الذي أطلق في بداية عام 2018 بـ 72 مليار ريال، ولم يتطرق أي منهم لدعم الدولة بـ 11.5 مليار ريال للقطاع الخاص، والذي أطلق في يناير 2019، وكان يفترض أن تكون فرصة للقطاع الخاص بأن يطور من نفسه بدلا من البقاء على الحال نفسه فيعاود مرات أخرى لطلب الدعم.

نحن مع القطاع الخاص، وكل دول العالم تعتمد على القطاع الخاص بالتوظيف وتوفير السلع والخدمات، ولكن بقاءه كما هو لن يجدي، سبق وأن كتبنا كثيرا عن أهمية تطويره، لا بد من رفع مجمل المحتوى المحلي من منتجات القطاع الخاص لكي يقوى بنفسه.

استمرارية سوق العمل وقابليته للتوسع تحتاجان للتحول إلى سوق منتج ومبتكر وزيادة المحتوى المحلي، وهذا ما سيولد الوظائف ويزيد عددها ويرفع من مستوى الدخل عند السكان، والذي سينعكس على القوة الشرائية التي ستزيد من الإقبال على شراء خدمات وسلع ومنتجات سوق العمل في جميع قطاعات «القطاع الخاص»، السكني والتعليمي والصحي والسياحة والترفيه والتجزئة وغيرها.

ولكي أوضح القصد هنا فإن سوق العمل في مجمله يحتاج أن يكون (جزء منه) فاعلا ومنتجا، أما السوق الذي يعتمد على استيراد السلع والعمالة الرخيصة من الخارج فلن يستطيع الاستمرار ولا التوسع، يجب أن تكون لدينا قناعة أنه من متطلبات تماسك السوق وجودته توليد الوظائف المناسبة للسكان، وهذا يحصل فقط في زيادة المحتوى المحلي والاستثمار بالبحوث والتطوير، ولذلك بقاء الشركات واستمراريتها مرتبطان بالتميز والمساهمة الحقيقية بتطوير الاقتصاد والمساهمة الفاعلة.

المقياس الرئيسي لحيوية سوق العمل والأعمال هو نسبة «المحتوى المحلي» من الإنتاجية والقوة الشرائية، وهي التي تولد الوظائف المناسبة ذوات الرواتب المجدية التي سيعاد ضخها في السوق نفسه.

لا أعني جميع الشركات، ولكن هذا شرط أن يكون جزء من القطاع الخاص يقوم بهذه الأعمال لكي يبقي الحياة في بقية القطاع، وأتمنى أن لا يفهم أنني أقصد المطاعم والمقاهي والترفيه وأسواق التجزئة. ليس مطلوبا من كل الشركات الاستثمار بالتطوير، ولكن يجب أن يكون هناك حد أدنى كاف من الاستثمار بالتطوير والإنتاجية لكي يجعل هناك استثمارات بالتطوير في القطاع.

«القطاع الخاص» بقي كما هو دون أدنى تطوير وتحول، وانتقل من مرحلة المطالبة بالدعم إلى المطالبة بإصلاح السوق وزيادة القوة الشرائية، يعني أعطونا مشاريع وأعطونا زبائن. الدولة عملت استثناءات وإعفاءات لبعض الرسوم وقدمت قنوات كثيرة لتمويل المشاريع والأعمال ودعمت القطاع الخاص بقرابة 100 مليار ريال مباشرة وغير مباشرة، ولكن هذا لا يكفي لأن القطاع الخاص لم يعمل على التطوير واكتفى بدعم الدولة ويطالب بما هو أكثر من الدعم، وطبعا هذا مستحيل في زمن التحول والتطوير، ولذلك بدأ يعاود التشكي.

لو تمت تلبية طلبات القطاع الخاص سيستمر على الاعتماد على رفع الأسعار وتقليصها وخفض الرواتب وتأخيرها وتطفيش الموظفين، وسيبقى يعاني لأنه لم يعمل على الإصلاح الحقيقي لسوق العمل والأعمال، ثم سيعاود الطلبات مرة أخرى.. أنقذونا!

أخيرا، كتبت مقالا قبل خمسة أشهر بعنوان «خطة القطاع الخاص 2030»، وذكرت به أن المملكة بحاجة لخطة للقطاع الخاص توازي رؤية المملكة 2030، يقوم على عملها «مجالس الغرف التجارية والصناعية»، توضح مدى استثماراتهم في الأعمال المتعددة لتطوير الاقتصاد وتوليد الوظائف وتطوير العقول البشرية وزيادة المحتوى المحلي وتنويع مصادر الدخل.

Barjasbh@