عبدالله المزهر

روح تبحث عن صندوق!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 30 أبريل 2019

Tue - 30 Apr 2019

أحد الأصدقاء هددني بأنه سيرفع عليّ قضية وسيجعلني أتعرف على المحاكم عن قرب، لأني مارست شيئا من الشماتة بعد خسارة فريقه لمباراة في كرة القدم، وأصدقكم القول ـ كما أفعل دائما ـ إنه قد أخافني بالفعل مع أن كلامه وتهديداته لم تكن سوى دعابة لردع الشماتة، وخوفي مرده أني كسول جدا لدرجة أني لم ولن أفكر في شكوى أي إنسان يشتمني أو حتى يتهمني بأني عميل وخائن وأزعزع أمن الوطن وسائر الأوطان، ليس لأني حليم ومتسامح، ولكن لأن كسلي يقوم على فكرة أن الحياة أبسط من أن أقضيها في الذهاب إلى دائرة حكومية حتى أتأكد من أن شخصا ما سيتم عقابه. فكيف سأتقبل فكرة المشاوير ذاتها لكن من أجل التأكد من أني لن أعاقب.

الفكرة الأكثر رعبا أني قد أعاقب بالفعل، وقد يصدر في حقي حكم ملزم، وحين يصدر عليّ مثل هذا الحكم فإني سأنفذه بالطبع فأنا ـ كما تعلمون ـ لست صندوقا عقاريا حتى أتملص من تنفيذ الأحكام القضائية الملزمة وأتعامل معها وكأنها مجلة قديمة في صالون حلاقة.

ثم إني قد أفقد مصداقيتي أمام أصدقائي لو أني تملصت من تنفيذ الأحكام، وأصدقائي لديهم الكثير من الخيارات وقد يتخلون عني بسبب سوء تصرفي، لأني أيضا لست صندوقا عقاريا ليس لي بديل ولا أصدقاء، ويمكنني أن أفعل ما أشاء دون أي اعتبار لمشاعر أصدقائي لأنهم ليسوا مجبرين على التكيف مع رغباتي، خاصة إن كانت تلك الرغبات غير مقبولة حتى للقضاء والمحاكم والقوانين.

والحقيقة أني لم أكن أدقق كثيرا في بعض تصرفاتي، لكني في الأيام الأخيرة بدأت أكتشف أني أولي الكثير من الاهتمام لمشاعر الآخرين، أنزعج حين أسيء لأحد أكثر بكثير من انزعاجي حين يسيء لي الآخرون، الأول ينغص علي حياتي والآخر أمر أتعايش معه وأتقبله، وهذا أمر ليس جيدا كما قد تعتقدون، أفكر كثيرا في هذه الحالة وأعتقد أني أحتاج لعلاج عاجل.

وعلى أي حال ..

لو أن الأرواح تنتقل من حياة إلى حياة كما تعتقد بعض الديانات والمذاهب لتمنيت أن تعود روحي بعد وفاتي لتكون في جسد صندوق عقاري، أريد أن يتاح لها أن تعيش تلك الروح البائسة حياة مختلفة، حياة اللامبالاة وعدم الاكتراث، أن تفعل ما بدا لها دون خوف ولا احترام لأي شيء. أن يكون الناس آخر اهتماماتها.

agrni@