أحمد الهلالي

كليات المجتمع لا سمعة ولا بريق!

الثلاثاء - 30 أبريل 2019

Tue - 30 Apr 2019

في الجامعات كليتان تشكلان على الفهم السريع، الأولى: كلية المجتمع/ والثانية كلية خدمة المجتمع، فالتفريق بينهما يسبب إشكالا لمن هم خارج الحرم الجامعي، فبعض الإشكال يأتي من البرامج المقدمة، فكلية خدمة المجتمع تقدم البرامج بمقابل مالي، أما كليات المجتمع فبرامجها مجانية غالبا، وأغلب الإشكال يأتي من التسمية، وحقيق بالجامعات أن تنظر في إشكال المسمى وتحرره بتغيير مسمى إحدى الكليتين بما يجعل الواحدة واضحة وضوحا تاما لا لبس فيه، فعلى سبيل المثال لو سميت كلية المجتمع باسم (كلية التدريب الفني/ أو كلية المساعدين الفنيين) أو ما يقارب هذا لكان أقوم.

حديث هذه المقالة يتجه إلى (كلية المجتمع) الكلية الحل، وهي كلية تقدم شهادة الدبلوم للدارسين فيها، وبرامجها على نوعين: برامج انتقالية تقدمها للطلاب الذين لم تؤهلهم معدلاتهم من الالتحاق بالبكالوريوس، وبرامج تأهيلية تقدمها للدارس غير الراغب في مواصلة التعليم الجامعي، وهذه البرامج غالبا تلبي احتياجات سوق العمل، مثل (علوم الحاسب/ هندسة السيارات/ التمريض/ التصميم/ تكنولوجيا الطيران/ الخياطة والأزياء.. وغيرها).

ولكي تلبي برامجها حاجة الدارس فهي حرية بالنظر الأدق، فمهم أن تقوم على التدريب المكثف على خلاف التعليم الجامعي التقليدي، وأن يتنبه القائمون عليها من تأثير البرامج الانتقالية على غيرها، فثقافة أنها محطة لرفع المعدل ثم الانتقال لاستكمال متطلبات التخصص من التعليم الجامعي، تؤثر سلبا؛ لأن بعض الطلاب ربما لن يستطيع تحصيل المعدل الذي يؤهله لإكمال تعليمه، وبعضهم يستعجل التخرج للحصول على وظيفة، من هنا لا بد أن تصمم هذه الكليات برامج متكاملة في ذاتها، تخرج الطالب مؤهلا تأهيلا كاملا للعمل، وفي ذات الوقت يكون مستعدا لإكمال درجة البكالوريوس إن شاء.

كلية المجتمع مهمة جدا، وهي من الكليات الحيوية، لذلك يجب أن تنظر إليها الجامعات نظرة مختلفة، وأن تغير نظرة الدارسين إليها، فقد طغت عليها فكرة تخصيصها للطلاب الضعفاء، واعتبارها كلية هامشية لأنها كذلك، أو لأنها مجانية مقارنة بكلية خدمة المجتمع، وكذلك قلة أو انعدام إعلاناتها لبرامجها، وقلة برامجها النوعية، وزادت سلبية النظرة إليها أنها لا تخصص للدارسين مكافآت مالية كزملائهم الآخرين، فكأنها فقط لإشغال وقت الدارس، أو محطة عبور يجب على الطالب أن يعتبرها فرصة ثانية لحجز مقعد في البكالوريوس، وهذه النظرة السالبة يجب أن تمحوها الجامعات، فرؤية 2030 قد تجاوزتها، وفتحت أعيننا وأعين الجيل الطموح على أننا في أمس الحاجة إلى منصات تدريبية جادة وقوية في تخريج دفعات مميزة إلى سوق العمل والفرص المتاحة في القطاع الخاص.

الدارس في الجامعة يحصل على مميزات، والدارس في الكليات التقنية يحصل على مميزات، فما المانع أن يحصل طلاب كليات المجتمع على مميزات وحوافز، تخفف العبء عن الجامعات ذاتها، وتتيح الفرصة للشباب الراغبين في شغل وظائف فنية مرموقة؟ فحين نعلم أن أعداد المتقدمين لكليات المجتمع قليلة مقارنة بالإقبال على الكليات الأخرى، مع أن الطلاب المتعثرين في مرحلة البكالوريوس تتكرر إنذاراتهم لنزول معدلاتهم إلى أقل من 1، وكذلك هناك من يتخرجون في البكالوريوس بتقديرات أقل من جيد، وهنا نتأول بأن المكافأة المالية جاذب مهم، ولو كانت متوفرة في كلية المجتمع لاختارها بعضهم، وهذا يدعو الجامعات إلى الاهتمام بهذه الكليات، وجعلها جاذبة للدارسين باعتبارها بوابة تدريب مهمة ومميزة وسريعة إلى سوق العمل.

مهم أن تقوم برامج كليات المجتمع على التدريب العملي والمهاري، وأن يخرج الدارس منها ملما بدقائق تخصصه، مع أهمية التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص في فتح نوافذ للتطبيق العملي قبل تخريج الدارسين، وكذلك عقد الشراكات مع الكليات التقنية لتوفر المعامل والورش التطبيقية فيها، وكذلك مع القطاع الخاص للحصول على فرص وظيفية حقيقية للدراسين بمميزات مناسبة قبل تخريجهم، فما يزال القطاع الخاص يحتج بضعف المخرجات وتقليديتها، وعلى هذا فإن على الجامعات بكلياتها المتخصصة أن تصمم البرامج المميزة، وأن تزرع قيم الإنتاجية وحب العمل في أعماق الدارسين.

ahmad_helali@