طارق جابر

الجوع والشبع

الجمعة - 26 أبريل 2019

Fri - 26 Apr 2019

الجوع هو الشعور بالحاجة إلى الأكل، وهو غريزة أساسية، أما الشبع فهو فقط غياب الجوع. ورغم أن الأمر يبدو بدهيا إلا أنه ينطوي على آليات معقدة وعوامل متداخلة جهد العلماء ولا يزالون في فهمها، ويكفي أن نعلم أن كبرى شركات الدواء في جهد مستمر لفك شيفرة الجوع والشبع، لتصل بذلك إلى الدواء السحري الذي سيقضي على السمنة ويفتح لها أبواب كنوز الأرض، جهد لا يماثله إلا جهد الخيميائين الأولين لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب أو لاكتشاف إكسير الحياة.

يعتقد العلماء أن المسبب الرئيس للجوع عند الإنسان كان الحاجة لتوفير الطاقة التي تمكنه من البقاء حيا وقادرا على القيام بوظائفه. وكان الحصول على ما يكفي من الطاقة يلغي الحاجة إلى مزيد من الأكل. ومع التطور الذي حدث في حياة البشر والمجتمعات تغيرت آلية تنظيم الأكل. ففي المجتمعات الغنية التي يوجد بها فائض من الأغذية عالية الطاقة قليلة الثمن فإن تنظيم الجوع والشبع أصبح يخضع أيضا لعوامل حسية كالشم والنظر واللمس، والتي تتداخل لتغذية الشعور بالشهية، ولم يعد الأكل مرتبطا بالجوع والشبع! وهذا ما يعرف بـ «الجوع التلذذي».

وأصبح الخلط بين الجوع والشهية والنهم وبين الشبع والامتلاء والتخمة ليس خلطا لغويا فقط، بل خلطا في الطباع والعادات أدى إلى ما نحن فيه من انتشار السمنة وما تسببه من أمراض، وأصبح الإنسان يأكل بقدر ما يستطيع لا بقدر ما يحتاج.

يخضع تنظيم الجوع والشبع في الإنسان لعدة آليات وتتحكم به عدة أجهزه تعمل في تناغم لسد احتياج الإنسان من الطاقة وبعض العناصر، ولتوفير مخزون للأوقات الصعبة، وهي خاصية ورثناها عن أسلافنا من آلاف السنين ولم نتخلص منها بعد أن أدت إلى تخزين ما لن نستخدمه أبدا في الغالب على شكل دهون وشحوم.

يقع مركز التحكم في الجوع والشبع في جزء من المخ يسمى الوطاء أو تحت المهاد (هايبوثالامس) وهو بدوره يخضع لمؤثرات هرمونية وعصبية ونفسية. ومن أهم الهرمونات المنظمة هرمون الجريلين الذي يفرز من المعدة ويسبب الجوع، وهرمون اللبتين الذي يفرز من الأنسجة الدهنية ويولد الشبع. كما أن التغير في مستوى السكر والدهون في الدم يؤثر في إفرازات هرمونات كالانسولين والجلوكاجون، مما ينظم الحاجة إلى تناول الطعام.

كما أن وجود الطعام في القناة الهضمية يتحكم في الحاجة إلى الأكل من إحداث آلام الجوع إلى الشعور بالامتلاء، فعندما تمتلئ المعدة ترسل إشارات إلى الدماغ. يقدر العلماء أن هذه العملية ليست فورية، بل تستغرق نحو 20 دقيقة، هذا يعني أن الإنسان لا يمكنه الانتظار إلى أن يشعر بالامتلاء، بل يجب أن يقدر ما يكفيه من الطعام للشبع بالخبرة قبل الشعور بالتخمة.

ومن خلال هذه المؤثرات الوظيفية تعمل المؤثرات النفسية التي قد تختل مسببة اضطرابات الأكل النفسية، وهذا مبحث آخر نعود إليه في مقال آخر.

هل توفير الطاقة وراء الجوع؟

ما هو الجوع التلذذي؟

ما دور الهرمونات؟

هل نشبع بالخبرة أم بالتخمة؟

drtjteam@