إسماعيل محمد التركستاني

خصخصة الرعاية الصحية تعني..

الأربعاء - 24 أبريل 2019

Wed - 24 Apr 2019

هناك ارتفاع باهظ ويصعب التحكم به في الميزانية التشغيلية للخدمات الصحية، هذا ما يجمع عليه ويتحدث عنه خبراء الرعاية الصحية في الندوات واللقاءات الصحية (وأنا لست واحدا منهم! إنما أنا ممارس صحي مكاني المفضل هو الصف الأخير في الندوات). طبعا، هذا الارتفاع أمر عالمي وليس محليا فقط.

ارتفاع ميزانية الرعاية الصحية يقصد به ارتفاع أسعار الأدوية الطبية بدرجة أولى، وارتفاع الأسعار يقصد به ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية، مثل جميع أنواع الأجهزة الطبية الصغيرة أو الكبيرة، بسيطة التشغيل أو معقدة التركيب والتشغيل!

ارتفاع الأسعار يقصد به أيضا ارتفاع أسعار الأيدي العاملة (الممارسين الصحيين) في المجال الطبي، سواء كانوا أطباء أو ممرضين أو أخصائيين صحيين، مثل مختصي العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي والنطق وغيرهم.

هذا الارتفاع في الأسعار ساهم فيه ارتفاع في أعداد المرضى والارتفاع في مسببات المرض، سواء كانت أسبابا معروفة أو مجهولة (جراثيم معروفة أو غير معروفة) أو كانت بسبب أنظمة معيشية تؤثر سلبا على صحة الفرد أو صحة المجتمع عموما.

والارتفاع في أعداد المرضى يعني أيضا أن هناك انخفاضا حادا واضحا في مؤشرات النظام الصحي للفرد وبالتالي للمجتمع بصورة عامة، وذلك نتيجة عدد من المؤشرات السلبية التي بدأت تتحكم في حياة الأفراد والجماعات، ومنها التقنيات الحديثة والنظام الغذائي، والتي يستعملها ويمارسها ويتناولها الصغار والكبار.

هذا الارتفاع الذي يمكن وصفه بأنه ارتفاع لا يمكن التنبؤ به سواء كان في الأسعار أو الأعداد والمسببات، ولا يمكن التصدي له وتخفيف آثاره الجانبية أو إيقافها حاضرا ومستقبلا (ارتفاع يليه ارتفاع ويليه ارتفاع)؛ لا يمكن معه الاعتماد على نظام الخدمات الصحية المعتمدة على الحجم، والذي يجري التعامل به في الوقت الحاضر، وهذا يعني أهمية إيجاد نظام تشغيلي بديل للرعاية الصحية، يمكن فيه التقليل من الآثار السلبية المخيفة للارتفاع الحاد في أسعار وميزانية التشغيل للرعاية الصحية.

وتأتي هنا أهمية الاعتماد على مؤشرات الرعاية الصحية المعتمدة على القيمة (value)، والذي سيضيف مفهوما صحيا تطبيقيا جديدا للخدمات الصحية، ألا وهو مفهوم خصخصة الخدمات الصحية المقدمة، حيث إن تطبيقه سوف يساعد ويساهم في ترشيد استهلاك الموارد المالية بطريقة تساعد على التقليل من سلبية الارتفاع الحاد في أسعار الخدمات الصحية.

باختصار، من هنا ندرك تماما أن هناك فوائد جمة من وراء خصخصة الخدمات الصحية، منها كما ذكرت الترشيد الإيجابي للموارد المالية التشغيلية المخصصة للخدمات الصحية. ولكن في المقابل ستكون هناك العديد من السلبيات في خضم هذه المعمعة، منها على سبيل المثال، مستقبلا، سيكون التركيز على بعض المستشفيات، أو بمعنى آخر تفضيل مستشفيات محددة من قبل المرضى للذهاب إليها وتلقي العلاج، فينتج عن ذلك إغلاق العديد من المراكز الصحية الأولية والمستشفيات صغيرة الحجم، والتي لا يكون عليها إقبال من قبل المرضى!

لماذا؟ السبب أن الميزانية التشغيلية للمركز الصحي أو المستشفى ستكون مرتفعة جدا مقابل قيمة الخدمات الصحية المقدمة! إذن ما هو الحل للتقليل من هذه السلبية؟

الحل هو ظهور دور كبير ومؤثر للجمعيات الخيرية في تقديم الخدمات الصحية المجانية لمثل تلك التجمعات البشرية، خاصة في التجمعات السكانية صغيرة الحجم!

[email protected]