عبدالله العولقي

الإرهاب بين الزلفي وسريلانكا

الاثنين - 22 أبريل 2019

Mon - 22 Apr 2019

لم تجف أثواب الإرهاب الذي قض مضجع العالم في العاصمة النيوزيلاندية حتى فجعنا بسلسلة التفجيرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة السريلانكية (كولمبو) ومحيطها أثناء احتفال مسيحييها بقداس عيد الفصح. وبالتزامن معها تمكن الأمن السعودي ورجاله البواسل من إحباط عملية إرهابية فاشلة على مركز المباحث في محافظة الزلفي شمال مدينة الرياض، فهل ثمة علاقة إرهاب بين سريلانكا والزلفي؟!

لا شك أن فكر الخوارج في تاريخنا الإسلامي هو منبع كل الشرور والمفاسد التي ابتلينا بها، فهو الخلفية الثقافية التي تستند عليها كل الجماعات المتطرفة كالقاعدة وداعش والتكفيريين، وبعد اندحار هذا الفكر المتطرف وتراجعه في البيئة الاجتماعية وانعدام الحاضنة الشعبية له، إثر الجهود المضنية التي تبنتها الحكومات الإسلامية والعربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية حول تجفيف منابع الفكر المتطرف، وإقامة المراكز المتخصصة في إعادة الشباب المغرر بهم فكريا وعقديا إلى جادة الحق والصواب، بالإضافة إلى منهجية الضربات الاستباقية التي انتهجتها وزارة الداخلية وحققت نجاحات ملحوظة في تلاشي الإرهاب عن المنطقة؛ لعل ما نلمحه اليوم من هجمات الغدر في أبوحدرية والزلفي ما هو إلا هيستيريا النزع الأخير.

لا شك أن الإعلام العالمي بمنصاته التقليدية وكل مرجعياته يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، ولا بد من القائمين على منهجية التعليم في الجامعات والمعاهد الإعلامية حول العالم من استثناء الإرهاب بكل أصوله وأشكاله من قاعدة الحيادية في نقل الخبر بشكلها التجريدي حول خطئه وضلالته، ولا بد لمنصات الإعلام التقليدية والتجارية ومرجعياتها الدولية أن تصطف مع الإعلام الرسمي للحكومات والمنصات الالكترونية وتشاركها في خبر الاستنكار العلني لهذه الآفة الإجرامية التي تهدد مستقبل أمن الشعوب والحضارة الإنسانية.

يبدو أننا في فترة زمنية غير تقليدية في حربنا ضد الإرهاب، فلم تعد مخططات الآثمين ودسائسهم تتمركز في مساحة الصراعات ومناطق النزاعات كجغرافيا الشرق الأوسط بأديانه ومذاهبه وأعراقه، إذ نفاجأ اليوم بالإرهاب في مناطق جديدة تتجغرف بعيدا وتتسم بالهدوء والأمن الطبيعي، وتتصف شعوبها بثقافة التسامح والتعايش بين مجتمعاتها، فجمهورية سريلانكا مثلا لا تختلف في ثقافتها الاجتماعية كثيرا عن سابقتها نيوزيلاندا كونها تترسخ على تقبل الآخر والتعايش معه، ومن البعيد في نظر العالم أن تطالها يد الإرهاب الآثمة، ولكن يبدو أن الإرهاب يتغير مع استراتيجية متباينة مع السابق، ففي المملكة تعودنا على سماع أخبار الإرهاب في المدن الكبيرة والرئيسية، لكننا نفاجأ اليوم بها في محافظات صغيرة وهادئة كالزلفي وأبوحدرية، والتي اعتقد الإرهابيون أنها ملائمة لنجاح مخططاتهم الإجرامية، لكنهم فوجئوا برجال أشاوس على مستوى عال من الاحترافية الأمنية.

أخيرا، هل من المصادفة أن تتزامن سلسلة الانفجارات الإرهابية التي عصفت بالعاصمة السريلانكية مع واقعة الهجوم الإجرامي الفاشل على مركز المباحث في محافظة الزلفي السعودية؟! هل هو تعاون منظم لإرهاب الخارج مع إرهاب الداخل؟ هذا ممكن لأن خيوط فكر التطرف والإرهاب تتلاقى مع بعضها في مستنقعات الجهل والبعد عن مكامن العلوم والحضارة.

نسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد الحرمين ويحرسها من شرور الحاسدين والمتربصين بأمنها وقيادتها وشعبها.