عبدالعزيز أبوهبشه

مهاترات

السبت - 20 أبريل 2019

Sat - 20 Apr 2019

بعيد الأزمة السعودية - الكندية وما صاحبها من التوجيه بمغادرة كل الرعايا السعوديين للأراضي الكندية بمن فيهم الطلاب والأطباء المبتعثون، ولما عرف عن الشعب السعودي من التفافه حول قيادته، فقد نفذ الرعايا السعوديون التوجيه وكلهم ثقة في حكمة القيادة. تزامنت عودة الأطباء المبتعثين مع احتدام حرارة النقاش بين الأطباء على منصة تويتر. هذا النقاش تحول إلى جدال عقيم ثم أصبح يأخذ طابع المهاترات، مما أصاب غالب المجتمع بالذهول، ففي الوقت الذي ينظر فيه المجتمع إلى الأطباء بعين الإجلال والتقدير والاحترام وفي الوقت الذي يدعي فيه الأطباء تحامل الصحافة عليهم، استغرب الجميع تراشق الاتهامات بين الأطباء الذين يدافعون باستماتة عن المرجعيات التعليمية التي أكملوا بها دراستهم العليا.

انبرى عدد من خريجي البورد السعودي يكيلون التهم جزافا لزملائهم من خريجي البرامج الدولية بأنهم دون المستوى، وكأنهم نسوا أو تناسوا أن من تدربوا على أيديهم وأشرفوا عليهم خلال فترة دراستهم للبورد السعودي هم من خريجي البرامج الدولية. هذا الأمر جعل أقرانهم من الأطباء خريجي البرامج الدولية يشعرون أنهم في خندق من يلزمه أن يدفع التهمة عن نفسه، فانبروا يرمون زملاءهم بالغيرة والحسد جراء عدم تمكنهم من الحصول على فرصة التدريب في برنامج دولي والاحتكاك بالخبرات العالمية. وفيما التزمت الغالبية العظمى الصمت هناك فئة قليلة من الفريقين حاولت تقريب وجهات النظر، غير أن صوتها لم يجد لصداه أي مجيب.

ما لم يعرفه الأطباء أن حالة الذهول أصابت أفراد المجتمع وهم يشاهدون من ينظرون إليهم بإجلال ينزلقون في منحدر التراشق اللا مبرر. إن على كل الأطباء المتخصصين وحتى حديثي التخرج أن يدركوا أولا أن مهارة الطبيب تعتمد على الجهد الذي يبذله لتطوير مهاراته، وعلى حرصه على التعليم المستمر خارج الإطار التقليدي، وفي الوقت الذي يملك فيه خريج البورد السعودي فهما أعمق لطبيعة المجتمع وطريقة تفكيره، يختلط خريج البرامج الدولية بالخبرات المختلفة ويطلع على عدد من المدارس المختلفة والتقنيات الحديثة، الأمر الذين يجعلنا نتوقع نحن أفراد المجتمع أن بيئة العمل تكاملية تتمازج فيها الخبرات ويتناقل فيها الممارسون الصحيون العلم والمعرفة.

إن ما حدث مخجل جدا، ولعل أحدهم يقول إنه قد مر على الموضوع وقت طويل، وهذا صحيح، ولكن صداه ما زال يتردد، فذلك السلوك من تراشق التهم والانتقاص بين من نفترض فيهم الرقي يفقد المراجعين الثقة فيهم.

إننا نهيب بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية أن تضع قوانين رادعة لمن تسول له نفسه الانتقاص من شرف مهنة الطب بالسلوك المشين مهما كان هذا السلوك في نظر كثيرين تافها. فالطب مهنة شريفة وعفة اللسان وطهارة القلب أساس لشرف المهنة.