فواز عزيز

ذكريات عراقية في السعودية

السبت - 20 أبريل 2019

Sat - 20 Apr 2019

• العلاقات السعودية العراقية التي تشهد تقاربا كبيرا واتفاقيات كثيرة وزيارات رفيعة المستوى هذه الأيام، ذكرتني بقصة «مخيم اللاجئين العراقيين» الذي أقيم قرب مدينتي «رفحاء» في منطقة الحدود الشمالية بعد انتفاضة شعبية فاشلة عام 1991، هرب بعدها 30 ألف نسمة من العراق ووجدوا السعودية تحتضنهم بحب، رغم أنه وقت حرب الخليج التي اعتدى فيها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين على الكويت ووقفت السعودية بصف الكويت حتى عادت إلى أهلها وهُزم المعتدي.

• في مخيم رفحاء للاجئين العراقيين الذي استمر نحو عقدين من الزمن قصص كثيرة كنت أتمنى أن توثق وتنشر لتبرز الدور السعودي في مساندة الأشقاء العراقيين، وتبرز جوانب الأخوة بين البلدين.

• أذكر أني قرأت ضمن تقرير صحفي قديم، نقلا عن مكتب مفوضية اللاجئين في السعودية أن «وزارة الدفاع والطيران السعودية أنفقت حوالي 2.5 مليار ريال على تجهيز مخيم رفحاء بالمساكن والمستشفى والمدارس وآبار المياه والكهرباء والخدمات»، واستمر الإنفاق لسنوات متواصلة على مدى عقدين.

• لم يكن مخيما كما يسمى، بل كان مدينة متكاملة فيها كل الخدمات الضرورية للحياة، من مستشفى أقيم بـ 100 مليون ريال، وأربع محطات لتحلية المياه، ومدارس للبنين والبنات شارك في العمل فيها العراقيون بجانب السعوديين. واستمر المخيم حتى بعد مغادرة كثير من سكانه طواعية إلى دول أخرى أو إلى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وأغلق في 2008 بعد توديع آخر 77 عراقيا إلى بلدهم.

• قبل سنوات وجدت بالصدفة رواية بعنوان «سيد القوارير» كان مسرح أحداثها مخيم اللاجئين العراقيين برفحاء، بحثت عن مؤلفها الصحفي والأديب «حسن الفرطوسي» ووجدته مستقرا في الكويت ذهبت إليه بحثا عن تفاصيل حياة المخيم، ووجدتني أجري معه حوارا صحفيا نشر في الوطن في نوفمبر 2011م.

• حكى لي الروائي والصحفي العراقي حسن الفرطوسي عن أيام عاشها في مخيم اللاجئين حين هرب ضمن 30 ألف نسمة بعد انتفاضة شعبية فاشلة في العراق عام 1991، كاشفا طرق اللاجئين العراقيين في التعايش مع الصحراء «قرب رفحاء» التي قدموا إليها من حضارة تاريخية وبيئة مائية مختلفة عن واقع مخيمهم، وكيف تحول المخيم إلى مدينة كاملة.

• روى لي قصته الشخصية وحياته في المخيم التي استمرت 5 سنوات قبل أن يغادره إلى أستراليا - وهي قصة من قصص كثيرة كانت في المخيم - بدأ منه النشر الصحفي والأدبي رغم الصعوبة في وسائل الاتصال والتواصل وقتها، فكانت انطلاقته في العمل الصحفي، بعد أن أصدر برفقة زملائه صحيفة بدائية يومية توزع في المخيم على اللاجئين، بدعم وتشجيع من أحد قيادات المخيم العسكرية.

• وتحدث الفرطوسي عن التحول الكبير الذي حدث لأكثر من 30 ألف نسمة من العيش في بلد حضارة إلى معايشة الواقع الحتمي في الصحراء؛ بعد أن أجبرهم فشل ثورتهم إلى الهروب من العراق إلى الصحراء، واحتضان السعودية لهم برحابة صدر، فعاشوا وخلقوا مدينة لهم وتخلصوا من شكل الخيمة وصنعوا سقوفا مستوية أفقية وبنوا جدرانا من الطوب واللبن، وتعايشوا مع الوضع كأنهم يعيشون في مدينة وليس في مخيم، وأوجدوا محلات لبيع الملابس ومطاعم ومحلات صاغة لبيع الذهب ومحلات لبيع أشرطة الفيديو، وابتكروا صحونا لاقطة «ستالايت» بدائية بغطاء قدر طبخ الطعام، لسحب بث تلفزيون الكويت وكذلك العراق، وتقوية بث التلفزيون السعودي، معتبرا أنهم أناس يضمون بينهم المبتكر والمخرب والشفاف والشرس وكل شيء، وحدثت زيجات وتكاثروا ومارسوا حياتهم بشكل شبه طبيعي، وسمعت منه الكثير عن معالم الحياة في المخيم، مستذكرا مشاركة فنانين تشكيليين من المخيم في معرض فني بالرياض.

• اللاجئون العراقيون

استمروا في الحياة والبناء في المخيم بدعم من الحكومة السعودية، وأحبوا المكان الذي عاشوا فيه وأحبوا رفحاء المدينة التي احتضنتهم، وقال الفرطوسي «أنا شخصيا بعد هذه السنوات من مغادرتي رفحاء أحيانا أشتاق لها وأشتاق لذاك المكان لأني عشت فيه 5 سنوات من عمري».

(بين قوسين)

• ربما قريبا يتحول الطريق الذي كان يؤدي إلى مقر مخيم اللاجئين العراقيين قرب رفحاء إلى طريق يربط العراق بالسعودية ويفتح الأبواب بين البلدين، إضافة إلى منفذ جديدة عرعر الذي أعلن أنه سيفتح بشكل دائم بعد 6 أشهر.

@fwz14