الاقتصاد الإيراني يحتضر

ارتفاع معدلات البطالة وزيادة التضخم يقودان الاقتصاد إلى الأسوأ
ارتفاع معدلات البطالة وزيادة التضخم يقودان الاقتصاد إلى الأسوأ

السبت - 20 أبريل 2019

Sat - 20 Apr 2019

هل دفعت الطبقة الكادحة في إيران ثمن الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه وجاءت بنظام الملالي الإرهابي؟

سؤال عريض تطرحه مؤسسة بروكينجز البحثية الأمريكية التي تؤكد أن الثورة التي جرت قبل 40 عاما، لم تفد الفقراء أو تحدث نقلة داخل المجتمع، ولم تخدم أولئك الذين شعروا بالإهمال من قبل نظام الشاه، بل زادت من معاناة الشعب الإيراني.

وتقول المجموعة البحثية: «على عكس الثورات الاشتراكية في القرن الماضي، فإن الثورة في إيران لم تتعاطف مع الطبقة العاملة أو الفلاحين، ولم تجلب استراتيجية اقتصادية واضحة المعالم لإعادة تنظيم الاقتصاد».

اقتصاد سيئ

وتشير موسوعة بريتانيكا أيضا إلى أنه على الرغم من أن الثورة كانت تعاونا بين اليسار العلماني واليمين الديني، فإن أزمة الرهائن الإيرانية سمحت لأنصار الجناح الخميني اليميني «للادعاء بأنهم معادون للإمبريالية مثل اليسار السياسي» وبالتالي «في النهاية أعطاهم القدرة على قمع معظم المعارضين اليساريين والمعتدلين للنظام». ومع ذلك، فإن مسألة ما إذا كانت الثورة ناجحة أم لا تظل مطروحة للنقاش.

وكتب الأستاذ المشارك في الدراسات الإسلامية محمد أوزالب، على الرغم من أن الاقتصاد الإيراني في وضع سيئ حاليا، مع ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع التضخم، فإن الثورة ما زالت قائمة اليوم.

سقوط الشاه

قبل 40 عاما، صوت شعب إيران لإنهاء قرون من الحكم الملكي وإنشاء جمهورية إيرانية، وبحسب مجلة The Week البريطانية فإنه قبل أسابيع فقط، احتج ملايين الإيرانيين في الشوارع كجزء من حركة شعبية ضد النظام بقيادة محمد رضا بهلوي (المعروف أيضا باسم شاه إيران)، والذي كان ينظر إليه على أنه «وحشي وفاسد وغير شرعي».

وفي نهاية المطاف، مهد المحتجون، الذين جاؤوا من جميع الطبقات الاجتماعية، الطريق للإطاحة الكاملة بالعائلة المالكة الإيرانية وإنشاء جمهورية العصر الحديث التي أصبحت الآن في مكانها.

الثورة.. لماذا؟

أقام الشاه علاقات وثيقة مع الغرب، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكلاهما ساعد في الإطاحة بحكومة إيرانية سابقة عام 1953 وعزز السلطة التنفيذية للشاه إلى حد كبير.

وذكرت الإندبندنت البريطانية أنه منذ تأسيس ثيوقراطية إيران عام 1979، تدهورت علاقاتها مع العالم الخارجي، حيث أعلن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش أنها جزء من «محور الشر» العالمي عام 2002.

لكن المسؤولين داخل إيران أصبحوا غير متسامحين في أعقاب الثورة، تقول الصحيفة إن «أولئك الذين يؤيدون الأخلاق والقيم الغربية تعرضوا للمضايقة والسجن والأسوأ» من قبل السلطات الإيرانية، إذن لماذا حدثت الثورة الإيرانية، وكيف شكلت الجغرافيا السياسية الحديثة؟

انقلاب 1953

تقول مجلة فورين بوليسي إن الشركات الأمريكية والبريطانية «سيطرت لعقود على ثروة المنطقة النفطية» ورفضت التخلي عن السلطة إلى البلدان المجاورة وسط ضغوط متزايدة للقيام بذلك، وقد دفع ذلك رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق إلى تجاوز المصالح الغربية، وتأميم صناعة النفط الإيرانية في عام 1951، للترحيب به داخل البلاد.

في عام 1953.. استجابت الحكومة البريطانية ووكالة الاستخبارات المركزية من خلال لعب «دور مركزي» في انقلاب دراماتيكي أسقط مصدق وسلم المزيد من السلطة التنفيذية للشاه الاستبدادي الصديق للغرب.

ومع ذلك، فبينما تم تأمين حماية مصالح النفط الغربية موقتا من خلال الانقلاب، اجتاح البلاد «تصاعد القومية» في أعقاب الحادثة، التي اشتعلت في نهاية المطاف في أواخر السبعينيات.

الانكماش الاقتصادي

في أعقاب الانقلاب، «أدى النمو الاقتصادي الاستثنائي والإنفاق الحكومي الكبير والطفرة في أسعار النفط إلى ارتفاع معدلات التضخم وركود القوة الشرائية للإيرانيين ومستوى المعيشة»، كما توضح موسوعة بريتانيكا.

ومع ذلك، وبحلول بداية السبعينيات، تفاقمت الصعوبات الاقتصادية للمواطنين نتيجة لزيادة هائلة في القمع الاجتماعي والسياسي على أيدي نظام الشاه، وتضيف الموسوعة أن معظم الأحزاب السياسية الأخرى تعرضت للتهميش أو الخارجة عن القانون خلال هذه الفترة، وكثيرا ما قوبل الاحتجاج الاجتماعي والسياسي بالرقابة أو المراقبة أو المضايقة، وكان الاعتقال غير القانوني والتعذيب شائعين.

كانت نقطة التحول وفقا لمعهد بروكينجز، جاءت في النصف الأول من عام 1977، عندما نشرت مجموعة من الصحفيين والمثقفين والمحامين والنشطاء السياسيين سلسلة من الرسائل المفتوحة تنتقد فيها تراكم السلطة على يد الشاه، وفي أعقاب هذه الرسائل، ارتفع عدد الاحتجاجات المنظمة في جميع أنحاء إيران بشكل كبير في عام 1978، حيث قتل المئات في أعمال الشغب وقمعهم اللاحق من قبل الشرطة.

خطب الخميني

بحلول منتصف عام 1978، جمع آية الله العظمى الخميني، دعما كبيرا داخل إيران من خلال تسجيل الخطب التي تدعو إلى ثورة من منزله في ضواحي باريس.

وقال السياسي الإصلاحي سيد علي أكبر محتشامبور «كنا ننقل رسائل الإمام وبياناته وخطبه إلى إيران عبر الهاتف، ولقد أجرينا اتصالات في مدن في إيران»

بحلول نهاية عام 1978، تحولت الاحتجاجات ضد الشاه إلى ثورة، وفي 6 نوفمبر 1978، قام ببث تلفزيوني مرتجل إلى الأمة التي حاول فيها استرضاء المحتجين من خلال اقتراحه أن يتولى السيطرة على الأحداث ووضع نفسه على رأس هذه «الحركة الثورية».

وكان المسمار الأخير في نعش النظام الملكي، فبعيدا عن تقديم شعور بالقيادة القوية، بدا أن الشاه ليس فقط يتردد بل يؤكد أيضا أن البلاد كانت بالفعل في خضم ثورة ثورية، والناس الذين كانوا حتى الآن غير ملتزمين قاموا بالتحضيرات للمستقبل. وهذا المستقبل لم يشمل الشاه».

في 16 يناير 1979، هرب من البلاد، حيث أنهى أكثر من ألفي عام من الملكية الفارسية. بعد حوالي أسبوعين، عاد آية الله الخميني إلى إيران لحشود من المؤيدين وبعد فترة وجيزة عين حكومة شيعية متشددة.

جرائم إيران

تقول صحيفة «آسيا تايمز» إن ثورة 1979 الإيرانية كانت «حركة شاملة بحيث أثرت على جميع جوانب الحياة تقريبا، وبعد فترة وجيزة من الإطاحة بمملكة الشاه محمد رضا بهلوي، تم إنشاء كيانات ثورية لتولي المسؤوليات الناشئة في الثيوقراطية الجديدة، المحاكم الثورية، فيلق الحرس الثوري والمجلس الأعلى للثورة الثقافية».

وبعد بضعة أشهر من الثورة، اقتحمت مجموعة من النشطاء المؤيدين للخميني السفارة الأمريكية في إيران احتجاجا على قرار واشنطن منح الشاه حق اللجوء، مما حال دون محاكمة محتملة لجرائم الحرب في إيران.

وفي الوقت نفسه، احتجز 52 مواطنا أمريكيا كرهائن في السفارة لمدة 444 يوما، في حصار أضر بشكل لا رجعة فيه بالعلاقة بين إيران وحليفتها السابقة الأقوى وأثار العداء الدبلوماسي الذي استمر حتى القرن الحادي والعشرين.

الأكثر قراءة