عبدالله المزهر

احتفل قبل أن تأتي الحياة وتنسيك!

الخميس - 18 أبريل 2019

Thu - 18 Apr 2019

اليوم الخميس هو موعد الاحتفال الثامن أو التاسع وربما العاشر ـ لم أعد قادرا على متابعة إحصاء تلك الاحتفالات ـ الذي يقام احتفاء بالنجاحات المتوالية التي يحققها السيد عمر. وعمر هذا أحد أبنائي في الصف الأول الابتدائي، وقد تم الاحتفال به وبنجاحاته المتعددة والمنقطعة النظير في مسيرته الدراسية أكثر من عدد المرات التي حضر فيها للمدرسة.

والاحتفالات ليست متشابهة بالطبع، فهي تختلف من حيث الطريقة ومن حيث الرعاة، فمرة يكون الاحتفال منزليا وأخرى يكون في مطعم أو مكان عام، وبعض الاحتفالات برعاية الأهل وأخرى تقام في المدرسة، وفي العام الماضي أقامت المدرسة حفلا كبيرا مكلفا حضره أولياء الأمور لخريجي وخريجات التمهيدي، وكان احتفالا بهيجا حرص منظموه على أن يشاهد الحضور الصعاب والعقبات التي واجهت الخريجين أثناء فترة دراستهم الطويلة والشاقة، وكيف اجتازوها وكيف تذوقوا حلاوة الإنجاز بعد الصبر وتجاوز اليأس والإحباط.

وبحكم أن لدي أبناء غيره فقد لاحظت أن عدد الحفلات في كل جيل يكون أكثر من الجيل الذي سبقه، وهذا يجعلني أتخيل بشيء من الذعر عدد المهرجانات والفعاليات التي سأكون مضطرا لإقامتها لابني الأصغر حين يبدأ في تحقيق النجاحات والإنجازات والإبداعات عند دخوله للروضة.

وأظن أن فكرة الاحتفالات التي يقيمها الأهل للصغار تكمن في الخوف الخفي من المستقبل، فلا أحد يواجه الحياة وينجو. ولست ضد الفرح والاحتفال والابتهاج حتى دون وجود مناسبة، لكني فقط أشعر بشيء من الأسى على سني عمري التي ذهبت دون احتفال واحد. صحيح أني لم أحقق نجاحات تذكر بالمعنى الحقيقي للنجاح لكن على الأقل كنت أتمنى أن تكون طفولتي قد شهدت أي احتفال بأي مناسبة.

التصوير مع الكيك والشموع سيكون أفضل وأكثر راحة من الاستعدادات للحفل الختامي للعام الدراسي الذي كان يقام زمننا، تمارين رياضية مرهقة واستعراض عسكري، وحفظ نصوص مسرحية طويلة ووجه مليء بالغراء حتى تثبت لحية الخليفة الذي قمت بتقمص شخصيته لعدة أعوام، ومع ذلك لم أرسخ في ذاكرة الجمهور ولا أحد يتذكر أنى كنت الخليفة يوما ما، بينما أحد الزملاء تقمص شخصية كسرى في إحدى مسرحيات المرحلة الثانوية وأصبح معروفا بهذا الاسم حتى يومنا هذا، وهذه منحسة أخرى.

وعلى أي حال..

حين تفرح فكر بغيرك ممن لا يملكون سوى «السناب شات»، فافرحوا وغنوا وارقصوا، ولكن المبالغة في الاحتفاء بالأشياء العادية تفقد الأشياء المهمة قيمتها، والفرح من أجل الفرح شيء جميل وباعث على السعادة، ولكن الفرح من أجل التصوير والاستعراض شيء بغيض، وهذا لا يعني بالطبع أني ضد وجود الأشياء البغيضة، لكني ضد أن نعتقد أنها ليست كذلك.

agrni@