مرزوق تنباك

أكاذيب الواتس وأخواتها

الثلاثاء - 16 أبريل 2019

Tue - 16 Apr 2019

يحمل إلينا تويتر وإخوانه الفيس بوك والواتس اب وغيرها أشياء كثيرة من القصص والأحاديث والأحداث التي تملأ الفراغ الكبير الذي نعيشه.

ويتفنن مرسلو هذه الأخبار بصوغ صور وأساليب وموضوعات بالغة الخطورة ليس لقيمتها الخبرية ولا مصداقيتها العلمية، لكن لما يترتب على ما تحمله من تساهل في مضامين الأخبار التي يرسلها مستعملو هذه الوسائل، حيث يخشى أن يتربى المتلقون لما ينشر فيها على سلوك غير مقبول في كل الأعراف الاجتماعية والأخلاقية والدينية، مما يمكن حصرها في محاور أسرف مستخدمو التواصل الاجتماعي في استعمالها أيما إسراف، منها الكذب وهو سلوك مجرم في كل الأعراف والقوانين والأديان في العالم كله، والمجتمعات الإنسانية مجمعة على تحريمه وتحقير من يتصف به، ولعل تعاليم الإسلام أكثر تحريما للكذب وأشد معاقبة عليه، إذ جعلته من الكبائر التي تخرج صاحبها من دائرة الإيمان، إذ يروى في الأثر أن المسلم قد يفعل بعض الكبائر ويبقى في دائرة الإيمان الواسعة حتى يرتكب كبيرة الكذب فيخرج من هذه الدائرة، والحديث في ذلك مشهور ومعلوم للجميع مما يغني عن إيراده هنا وتكريره.

أما مستعملو هذه الوسائل منا أو لنقل بعض منا وهو البعض الأكثر والأغلب، فقد جعلوا أحاديثهم التي ينشرونها ويذيعونها في الناس ضربا من الكذب المكشوف، ومن البهتان البين لخصومهم إذا كانوا أهل خصومة مع أحد، أو الكذب على التاريخ والأحداث التي ينقلونها في هذه الوسائل، مما يعضد رأيهم الذي يرون أو فكرهم الذي يفكرون به.

وإذا كان الكذب على الأحياء كبيرة وإثمها عظيم عند الله مع أن الأحياء قد يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وتصحيح ما ينسب إليهم من الكذب، فكيف بالكذب على الأموات الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ولا تصحيح ما ينسب إليهم من الأقوال والأفعال؟ فإن ذلك هو الإثم الأعظم.

وقد شاع من الكذب على الأموات شيء كثير نراه ونقرؤه فيما يفيض به كتاب تويتر والواتس وأمثالهما، وهو مع ما فيه من محظور الكذب فيه تضليل الناس ونقل معلومات لا يصدق منها غير أهواء مخترعيها ومبدعيها ويعظم إثم ذلك حين يخلط صحيح الأخبار بزائفها وحقها بباطلها ويعجز عامة الناس عن التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، ولا سيما إذا جاء ذلك في أمر الدين والكذب على الأولين من المسلمين وتشويه الثقافة الإسلامية الموروثة والمعاصرة.

ونتيجة ما يحمل على الأموات

من الأكاذيب وما ينسب إليهم من الأقوال غير الصحيحة يحدث خلل جوهري بالسلوك الفاضل الذي تنشأ عليه الأجيال وتقام في سبيل تمكينه من نفوسهم وإصلاحها المدارس والجامعات لكي تهذب بالتربية الصالحة وبالقيم الفاضلة والقدوة الحسنة ما يعوج من السلوك أو ينحرف بالأخلاق.

وليس النقل الذي يترتب عليه كثير من العادات الضارة في الفهم العام والسياق المعرفي الذي يترتب على تلقي الخبر والثقة به، حيث يبلغ الوهم فيما تنقل هذه الوسائل مبلغا بعيدا في مضامينها، وما تحمل من نقل يتحدى المعقول وتنكره الطبائع المجبولة على حب الخير والعمل الصالح للناس، ويزيد الطين بلة أن من يذيع الأكاذيب في الناس يلوذون بالأسماء المستعارة والألقاب المجهولة، عفا الله عنهم وأنقذ الناس منهم.

Mtenback@