عبدالله المزهر

متى يتعلم التعليم؟!

الاثنين - 15 أبريل 2019

Mon - 15 Apr 2019

سمعت ـ مثلما تفعلون ـ عن نظام الجامعات الجديد، والحقيقة أني سمعت عنه كثيرا منذ دمج وزارتي التعليم العالي ووزارة التربية والتعليم، ثم إني لا أخفيكم أني بدأت أشعر بالقلق خوفا من أن يكون هذا النظام الجديد هو «المعيدي» الذي يفضل أن تستمر العلاقة معه في حدود «السماع عنه» فقط.

وقلقي مسبب، فأنا أخشى الأشياء التي يطول انتظارها، في الغالب يكون طول الانتظار ـ لأي شيء ـ سببا في رفع سقف التوقعات، مما يجعل حضورها مهما كان، أقل مما كان متوقعا.

ومما يؤسف له أني لم أوت سعة من الفهم حتى أستنتج أسباب تأخر صدور هذا النظام، وانتهت التخيلات والأفكار التي أتوقعها. وهل سيكون النظام ـ إن صدر ـ مشابها لما نشر عنه أم إنه سيكون شيئا آخر.

وأظن ـ والله أعلم ـ أن الوزارة تنتظر مثلي صدور هذا النظام، ولذلك لا تبدي كثير اهتمام بالجامعات لأنها شيء مؤقت ستتخلص منه قريبا. وحين يذكر اسم وزير التعليم ـ أي وزير ـ فإن كل ما يخطر في ذهن السامع هو المدارس والمعلمون ومشاكلهم وحصص النشاط والفسحة والطابور الصباحي والمقصف، لا يوجد أي ارتباط ذهني بين وزارة التعليم في وضعها الحالي والجامعات.

وأظن أن الأمر لا يحتاج أن يكون للجامعات الحد الأدنى من الاستقلالية، فالوضع الحالي يعني أن مدير الجامعة المعين بأمر ملكي على المرتبة الممتازة لا يستطيع تعيين رئيس قسم دون موافقة الوزارة، ولا يستطيع أن يرسل أستاذا سعوديا في مؤتمر خارجي دون موافقة الوزارة، ولا يستطيع دعوة أستاذ دون موافقة الوزارة، بل حتى الأنشطة والمحاضرات العامة في حرم الجامعة لا يمكن إقامتها دون موافقة الوزارة، وهذا يعني ببساطة ووضوح عدم الثقة في الجامعات كمؤسسات تعليمية يفترض أنها مصانع للعقول. والتعامل مع الجامعات بنفس طريقة التعامل مع المدارس الابتدائية ليس دليلا على المساواة بالطبع.

وأتخيل أن وزير التعليم العالي يقضي الكثير من وقته في توقيع الموافقات والمحاضر للجامعات، والتي تتعلق بأمور لا تعني أحدا غير الجامعة.

والحق أن هذه ليست مشكلة تخص وزارة بعينها دون أخرى، فالمركزية الفجة وكثرة التواقيع والموافقات وتبديد الوقت في أعمال روتينية لا معنى لها من العادات والتقاليد الأصيلة في العمل الحكومي، والتي تبدو في كثير من الأحيان أهم من أي عمل آخر، فالوزراء ـ غالبا ـ يوقعون أكثر مما يفكرون ويخططون.

وعلى أي حال..

لا أشك بأن هدف الجميع هو البحث عن «الأفضل»، وأن كل ما يحدث غايته أن تكون الأشياء في أفضل وضع ممكن، كل ما في الأمر أني أتمنى ـ مثلكم ـ أن تكون وزارة التعليم قد تعلمت أن التخطيط المتقن أهم من النوايا الطيبة، وفي كل خير.

agrni@