الصمعاني.. وجه العدالة الناجزة

السبت - 13 أبريل 2019

Sat - 13 Apr 2019

يقول المثل الأمريكي الذي تحول إلى مبدأ قانوني «العدالة المتأخرة حرمان من العدالة»، بمعنى أنه إذا توفرت سبل الانتصاف القانونية للمتضرر ولم يتم تقديمها في وقتها المناسب فهذا يعني فعليا حرمانه من العدالة.

هذه المقدمة تعد مدخلا منطقيا للحديث عن وزير العدل، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور وليد الصمعاني الذي شكل وجوده على رأس وزارة العدل مرحلة جديدة يمكن وصفها بمرحلة «العدالة الناجزة»، وهي العبارة التي تضمنتها رؤية الوزارة ورسالتها لتوفير بيئة عدلية متميزة مستمدة من الشريعة الإسلامية لتقديم وتنظيم وتطوير الخدمات القضائية والتوثيقية، ونشر الثقافة العدلية من خلال بناء مؤسسي كفء، وموارد بشرية مؤهلة وشراكة فاعلة محليا وعالميا بأدوات متطورة.

تولى الصمعاني حقيبة وزارة العدل وهو لم يتجاوز الـ 38 من عمره، ليضفي على الوزارة العتيدة روح الشباب من خلال ثورة تقنية تواصل زحفها ضد الورق والوراقين، وتستبدل السجلات العتيقة بلوحة مفاتيح رشيقة، وتستغني عن حقائب المبلغين برسائل نصية، وتختصر تنقلات القضايا التي تستهلك الوقت والجهد عبر «ضغطة زر».

الدكتور الصمعاني خريج جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أمضى نحو 16 عاما في القضاء، متنقلا بين تخصصاته المختلفة، وكلف بمهام ولجان عدة تعنى بالجوانب الاستشارية وإعداد الدراسات القانونية والبحوث، إضافة إلى الجوانب التنظيمية والتطويرية، الأمر الذي منحه أهم عنصر من عناصر التطوير، ألا وهو عنصر المبادرة وشجاعة التغيير.

يتمتع وزير العدل الشاب بروح ودودة وابتسامة قريبة، ربما سهلت عليه كثيرا ممارسة التجديد في بيئة مهيبة كالقضاء، والاحتفاظ بمعادلة حساسة تحفظ للقاضي سلطته، وتعمل على تنظيمها بما يساير متطلبات المرحلة، مرحلة العدالة الناجزة.

تزامن وجود الصمعاني في وزارة العدل مع روح جديدة تسكن أرجاء المملكة، عبر رؤية 2030، مما أتاح له فرصة ذهبية لتطبيق متطلبات منظومة القضاء المؤسسي الذي تقررت أحكامه في نظام القضاء، واستطاع فصل الإجراءات القضائية عن شخص القاضي، لتواصل طريقها في مسارات هيكلية دون الارتباط بقاض معين، مما أسهم في استقرار الأحكام والمبادئ، وانضباط الإجراءات واستمراريتها، وتجنب السلبيات الناتجة عن الاعتبارات الشخصية.

رئيس مجلس القضاء الأعلى، الحاصل على الدكتوراه في السياسة الشرعية، يعلم جيدا أن الوقاية خير من العلاج، وفي سبيل ذلك بدأ مع فريقه في السعي نحو الحلول الوقائية التي تسبق نشوء القضايا، وبادر بفتح آفاق التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى للعمل بشكل تكاملي في عدد من المبادرات.

تمكن الصمعاني وفريقه في وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، وفي فترة وجيزة، من تحقيق قفزات كبيرة في البيئة العدلية، ونجح في تغيير أسلوب العمل الإداري الروتيني إلى أسلوب يعتمد على القياس والنتائج مع حوكمة العمل وانضباطه.

خلال نحو عامين فقط تمكن الصمعاني من قيادة عملية تطويرية كبرى في المنظومة العدلية، ومن ذلك المحاكم المتخصصة والتنفيذ والتحول الرقمي، مما له الأثر الإيجابي على ترتيب المملكة في التقييمات والمؤشرات الدولية، وقبل ذلك تطلعات القيادة الحكيمة وطموح المواطنين.

رغم كل ذلك يقول في أحد لقاءاته «ما زلنا في البداية ولدينا عدد من المشروعات، وقياسا بطموح المواطنين وتطلعات القيادة ما زال أمامنا طريق طويل للوصول للمستهدفات ونعمل على ذلك».