علي الحجي

الإرشاد المهني للمستقبل

السبت - 13 أبريل 2019

Sat - 13 Apr 2019

يعد الإرشاد المهني من أهم مجالات الإرشاد التي يسعى من خلالها المرشدون إلى تبصير المسترشدين بقدراتهم وإمكاناتهم وسبل تطويرها لتتوافق مع احتياجات بيئة العمل والإنتاج في المستقبل، وبالتالي يحققون أهدافهم الذاتية والمجتمعية في الوقت نفسه.

تختلف المهن والحرف باختلاف الزمان والمكان والتطلعات، ففي زمن مضى على أحد الشواطئ كان صيد الأسماك أهم حرفة لكسب القوت اليومي للفرد وعائلته، ثم تطور الأمر للغوص عندما اكتشف اللآلئ التي يمكن مقايضتها أو بيعها بثمن مجز يستطيع من خلاله الحصول على ملابس أو أدوات تسهم في تحسين مستوى العيش، ثم وجد أن صناعة قارب خشبي يمكن أن تنقله لمسافات أبعد داخل البحر، وبالتالي يزيد من حصيلة الصيد، مع الوقت ظهرت مهن جديدة تعنى بصناعة وصيانة القوارب وبحارة وغواصين. نلاحظ أن التطور أسهم في إنتاج مهن وحرف جديدة وإنتاج أكثر في الكم والنوع.

البعض يتخوف من أن التكنولوجيا ستسيطر على سوق العمل في المستقبل، متأثرين بأفكار الخيال العلمي التي تصور الروبوت يسيطر على كل مفاصل الحياة، بل يصل للوظائف العليا، أو وجود روبوتات مارقة تسعى للقضاء على الجنس البشري، والحقيقة أنها ستوجد وظائف أكثر من التي ستقضي عليها، فاختراع السيارة التي تعتمد على القيادة الآلية مثلا سيقضي على مهنة سائق سيارة، لكنه سيوجد مهن مبرمجي طرق، ومحللي حركة مرور، ومصممي محطات شحن كهربائي للسيارات، ومصممي سيارات يسهمون في جعلها أكثر استجابة ورفاهية وسلاسة في الاستخدام.

لذلك ينبغي توجه الجيل الجديد إلى مهن المستقبل المناسبة، وتهيئتهم للانخراط فيها، ومن أهم المجالات التي ستتولد منها المهن البيانات الضخمة، فالبيانات الضخمة ومعالجتها أسهمت بشكل كبير في علاج كثير من الأمراض، وتوقع حدوث الكوارث، وتصنيف رغبات المستهلكين، وتحديد أماكن الزحام المروري، لذلك ستتولد من هذا المجال عديد من الفرص الوظيفية مثل محققين ومبرمجين ومراقبين ومحللين وحماة للبيانات الضخمة.

مجال الطيران بدون طيار، ستكتظ المدن بالطائرات بدون طيار والتي ستستخدم بكثرة في النقل والتوصيل والرقابة ومكافحة الحرائق، وستزود بأدوات لجمع البيانات وتحليلها عن الطرق والطقس وغيرها، وستتولد منها وظائف تتعلق بمراكز القيادة والتوجيه للطائرات بدون طيار، والأمن الجوي، وهندسة النظم، والصيانة والبرمجة، وأجهزة الاستشعار.

المجال الصحي سيقفز قفزة نوعية في مجالات هندسة الجينات التي ستقضي على كثير من الأمراض الوراثية، كما ستسهم في تطوير الأجهزة التعويضية لإصلاح مشكلات كمشكلات السمع والبصر والإعاقة الحركية، وكذلك مجالات الجراحة التي سيقوم بها الروبوت بدقة عالية تحت إشراف بشري يحتاج لمهارات التعامل مع الروبوت في المجال الصحي وبرمجته وصيانته.

مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، وهي من أكثر المجالات الواعدة التي جمعت بين العوالم الرقمية والمادية والبيولوجية في آن واحد، فهي قادرة على إنتاج عديد من المكونات عالية التعقيد بطريقة فعالة من حيث التكلفة، وبكميات إنتاج منخفضة ومصممة حسب الطلب، وهو ما سيتيح حرية أكبر لخيال المصممين للإبداع، وسيسهم هذا المجال في توليد وظائف في مجال التصميم المعماري والبناء للبيوت الرقمية، وصناعة الأطراف الصناعية والجراحات الترميمية، وكذلك فنيي تصميم وصيانة الطابعات الثلاثية الأبعاد.

لذلك ينبغي أن نحدد موقعنا التعليمي والمهني جيدا في هذه الرحلة، ونهيئ نظامنا التعليمي ليتواكب مع تغيرات المستقبل من حيث الرؤى والأهداف والأداء، فلا مجال للمتباطئين ولا المترددين في المستقبل.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال