عبدالله محمد الشهراني

الزبن.. جودة المخرجات والاستثمار العظيم

الأربعاء - 10 أبريل 2019

Wed - 10 Apr 2019

الجزء الثاني... حقيقة لا أعرف من أين أو كيف أبدأ هذا المقال، أو هذا الجزء من المقال بالأحرى. لقد تشكلت لدي قناعة بأنه من الظلم أن يختزل الموضوع في مقالين أو حتى أكثر، وخصوصا بعد قراءة مستندات ووثائق عن «مشروع البرنامج الإعدادي لخدمات النقل الجوي».

هي بكل أمانة صفحات من نور، ضرب من خلالها الرعيل الأول أعلى أمثلة على الجودة في وضع الخطط والبرامج التعليمية والتربوية (حط خطين تحت كلمة التربوية). برنامج كان الهدف منه سعودة الوظائف المهمة في قطاع الطيران.

برنامج نال جل اهتمام الدولة، وهو الأمر الذي يمكننا أن نلمسه في كلمتي الأمير تركي بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع والطيران ومعالي الشيخ كامل سندي، رحمهما الله، في حفل تخرج الدفعة الأولى من طلبة البرنامج الإعدادي لخدمات النقل الجوي في 17 جمادى الأولى 1390هـ. صحيح أن البرنامج لم يكن في بداياته في عمائر الزبن، لكنه أصبح مكملا وعنصرا مهما في نجاح البرنامج لاحقا.

عندما كنت أقول إن الزبن تعدت فائدته الخطوط السعودية، فقد كنت أقصد أن كل شركات الطيران الوطنية الحالية وهيئة الطيران المدني يعمل فيها ويديرها بعض خريجي الزبن. وعندما أقول إن فائدة الزبن تجاوزت قطاع الطيران فأنا أقصد أن بعض خريجي الزبن قد أصبحوا أعضاء تدريس في جامعة الملك عبدالعزيز والبعض الآخر تقلد رتبا عسكرية عالية.

قلت في نهاية المقال السابق «في الزبن توافر كل شيء، السكن الراقي، الطعام اللذيذ، المكافأة المالية السخية، غسيل الملابس، وأمور أخرى أهم وأعظم»، وما الشيء المهم والعظيم الذي نريد أن نراه في أبنائنا؟! إنها المسؤولية والانضباطية والاحترافية المهنية، كل هذه الأمور بجانب التعليم كانت موجودة وبتركيز عال في الزبن. انضباطية تبدأ من صلاة الفجر ثم الإفطار، ثم التوجه إلى مدرسة الخطوط السعودية ثم الغداء، ثم الذهاب إلى نادي السعودية وناد آخر موجود في سكن الشربتلي، إلى الزبن مجددا لتناول وجبة العشاء ومذاكرة الدروس ثم النوم مبكرا. ولضمان انضباط جميع الأمور في المجمع السكني «الزبن» تم تعيين النقيب مظلي عبدالرحمن الجعيد مشرفا عاما على الأقسام الداخلية (انظر للدهاء في التخطيط). وبخصوص المسؤولية فسوف نجد عبارة موجودة بالنص في إحدى الوثائق «تعويد الطالب على خدمة نفسه بنفسه»، في عدة نواح، من ترتيب وتحضير فراشه، تلميع حذائه، تنظيم محتويات دولابه، حمل الطعام بنفسه من البوفيه وإعادة الأطباق مجددا عند الانتهاء، وضع الملابس غير النظيفة ولوازم سريره في منطقة الغسيل. ولرفع حس المسؤولية أيضا يكلف الطالب بمهمة الإشراف على رحلة أو تنظيم حفل (فتى في السادسة عشرة من عمره فقط !). وعن الاحترافية المهنية يتم تدريس الطالب تاريخ الطيران عموما، إضافة إلى تاريخ الطيران في المملكة، وكل ما يتعلق بالطائرة من ناحية الشكل والسرعة وأنواع المحركات، إلى فيزياء الطيران والقوى المؤثرة على الطائرة، وأسلوب التعامل مع المسافرين... إلخ. وفي الإجازة الصيفية يتم إرسال الطلاب إلى المطارات للمشاركة في إدارة مواسم الإجازات والحج، ليمارسوا ويشاهدوا على أرض الواقع ما تعلموه نظريا من قبل.

كل هذا دون أن يغفل الزبن عن الاتيكيت، من ناحية السلوك والمظهر.. كيف تأكل بالشوكة والسكين، كيف تهذب شعرك، كيف تتحدث مع الكبير، مع الرئيس، مع السيدات. فقط لنتصور أن أحد الكتب التي كانت تدرس في تلك المرحلة كتاب Dress for success للمؤلف جون مولوي مسؤول الملابس والمظهر في البيت الأبيض.

وجهة نظر ... لكي نصل إلى أفضل النتائج لرؤية 2030 في بلدنا، نحن لا نحتاج إلى دكاترة وخريجي ماجستير، نحن في حاجة إلى الزبن.

ALSHAHRANI_1400@