عبدالله المزهر

ماذا لو تحرك الصفر من مكانه؟!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الاثنين - 08 أبريل 2019

Mon - 08 Apr 2019

أكره كثيرا عدم الالتزام بالمواعيد. حين يخبرني أحدهم أنه سيأتي في الساعة الثامنة ثم لا يحضر فإني في الثامنة ودقيقتين أبدأ في شتم كل الأشياء، الحية والميتة، وتبدأ تراودني نزعات شريرة ورغبة في الانتقام، ولهذه الأسباب أعتقد أن «الهوس» بدقة المواعيد ليس من الخصال الحميدة. إنه مشكلة أكثر من كونه أي شيء آخر.

وأعني أنه مشكلة للشخص الذي يحترم المواعيد، وليس للطرف الآخر بالطبع. والمحبون للمواعيد الدقيقة نوعان، النوع الأول يكون وقتهم مزدحما بالعمل والأشياء المفيدة وغير المفيدة، وليس لديهم فائض لصرفه في انتظار آخرين، أي أن مشكلتهم هي ضيق ذات «الساعة» وليس لأنهم يقدسون الالتزام بالمواعيد. والنوع الآخر ـ وهم فريقي ـ يحبون دقة المواعيد لذاتها، فأنا أغضب حين لا يأتي أحد في موعده مع أني لم أكن أفعل شيئا قبل أن يأتي ولن أفعل شيئا إذا لم يحضر. وأغلب أوقاتي مخصصة للفراغ ومشتقاته، أنا ـ وبكل تواضع ـ أعترف أني من المبدعين الذين يشار إليهم بالبنان في عمل «اللاشيء» والاستمرار في عمله لأطول فترة ممكنة، لكني أحب الالتزام بالمواعيد كنوع من الهوايات لا أكثر.

وبعيدا عن خصالي وصفاتي الحميدة، فإن التوقيت هو أكثر المعطيات أهمية في معادلة الحياة برمتها، حتى الأشياء الصحيحة جدا تفقد قيمتها وأهميتها في الزمان الخطأ. التوقيت الصحيح هو الصفر على يمين كل الأفعال وكل التصرفات وكل الأفكار.

العالم الحالي بأفكاره وانقساماته وتحالفاته والقناعات التي يحملها السبعة مليارات ونصف إنسان كان يمكن أن تكون كلها مختلفة وفي اتجاه مختلف تماما لو أن أحدا ما في وقت ما قرر ألا يفعل شيئا ما، أو إن فعله بطريقة مختلفة.

تخيل مثلا أن هتلر قرر أن يغير رأيه في توقيت غزوه للاتحاد السوفيتي. ماذا لو قرر العلماء أن الوقت لم يحن بعد لصنع قنبلة نووية أو امتلكها هتلر قبل الحلفاء؟

ماذا لو تأخر مارادونا عن الحضور إلى ملعب مباراة منتخب الأرجنتين مع إنجلترا في كأس العالم 1986؟

ماذا لو أن يوم مباراة نهائي كاس آسيا للأندية عام 2014 هو اليوم الذي ستلد فيه زوجة الحكم الياباني نيشيمورا وقرر الاعتذار عن المباراة؟ ماذا لو لعب الزوري الكرة أرضية بدلا من رفعها في تلك المباراة؟

والأسئلة من هذا النوع كثيرة، منها ما يصلح ومنها ما لا يصلح للنشر، فاستغلوا الأوقات التي تنتظرون فيها إنسانا لم يلتزم بموعده في التساؤل وتخيل الإجابات.

وعلى أي حال..

كل الأشياء كان لها أكثر من احتمال وأكثر من توقيت. نحن مقتنعون فيما يبدو في الحياة مع أننا لا نعرف كيف ستسير الأمور لو تغير توقيت واحد فقط في مرحلة سابقة، ربما كانت ستكون أفضل وربما لن تكون، وربما لن نكون موجودين من الأساس، ولذلك تساءل دائما: ماذا لو أجل والدي زواجه شهرا أو حتى يوما واحدا؟ هل سيكون الشخص الذي سيحل محلي في هذه الحياة أكثر حظا مني ويشجع فرقا لا تخسر؟!

@agrni