عبدالله المزهر

أمنيات في مغسلة الأحياء...!

الأربعاء - 03 أبريل 2019

Wed - 03 Apr 2019

كما تعلمون ـ وتتجاهلون ـ فإن الموت ليس حقيقة وحسب، بل إنه الحقيقة الأوضح، ولا أجد مبررا للخوف منه سوى الخوف من أن يكون الوضع بعده سيئا، أما ما قبله فلا شيء يستحق القلق.

صحيح أني أتمنى أن أجرب الثراء الفاحش وأن أشاهد الفرق التي أشجعها وهي تفوز قبل أن أموت، ولكن المؤكد أن هذا لن يكون ضمن قائمة هواجسي بعد الرحيل، لأن مشكلتنا أننا نتخيل ما بعد الموت بعقلية ما قبله، نفكر ويرعبنا تخيل كيف ستسير بعدنا حياة أهلنا وأطفالنا وأحبتنا ـ إن كان هناك من يحبنا على رأي مذيع القناة الرياضية ـ وهذا تفكير منطقي في حالات مثل الغربة أو السجن، لأن السجين أو الغريب أو المريض أو المنفي يفكر كثيرا في الناس الذين يسكنون قلبه ولا يستطيع الوصول إليهم ومساعدتهم على تحمل وجع الحياة. لكن هذا لا ينطبق على الموت، فالميت لا يكترث بما يفعل الأحياء ولا بالطريقة التي يديرون بها أمورهم. ولذلك فإني أنصحكم بألا تقلقوا وموتوا بسلام، لن «يقتلكم» الهم وكثرة التفكير في الأحياء بعد موتكم.

ولعلي أتمنى عند هذا السطر ألا يعتقد أحدكم أني أقدم دروسا عن فضل الموت على الحياة، وكل ما في الأمر أني أردت أن أكتب عن المعلم الذي أخذ طلابه إلى مغسلة الأموات ليشرح لهم عمليا درسا نظريا في المقرر الذي أقرته الوزارة، فوجدتني أكتب عن الموت والحياة ونسيت أمر المعلم وإدارة التعليم التي قررت التحقيق مع المعلم ـ حسبما قرأت ـ لأن ما قام به لا يصح ولا يلائم صغر سن الطلاب.

أي إن الوزارة لم تر أن وجود المنهج في كتب الصغار هو الخطأ ولكن تدريسه بإتقان هو الخطأ، وهذا أمر يستعصي علي فهمه. ولست مع ولا ضد وجود ولا تدريس هذا الموضوع، لكني أريد أن أفهم كيف تسير الأمور في هذه الوزارة العظيمة، ويمكن إضافة هذه الأمنية إلى قائمة أمنياتي التي أريد تحقيقها قبل الرحيل.

وعلى أي حال..

أظن ـ وهذا رأي ليس مبنيا على أي دراسة ـ أن من ضمن أعظم مشاكل كثير من الجهات الحكومية أنها تبحث عن رضا «وسائل التواصل»، فإن هم هاجموا فإن الجهة الحكومية ستفتح تحقيقا، وإن لم يكن هناك هجوم فلن يفتح تحقيق ولن يغلق، الأمر ليس مبنيا على نظام وأنظمة واستراتيجيات واضحة المعالم، ولكنه حسب مزاج تويتر في اليوم التالي. وأنا هنا لا أتحدث عن وزارة التعليم تحديدا ولكني أستخدمها كمثال في مغسلة الأحياء، ولا أسخف أيضا من رأي الناس ولا من مطالباتهم، ولكني أتمنى أن تكون الأفعال وردود الأفعال مبنية على أسس واضحة. وهذه أمنية أخرى تضاف للقائمة السالفة الذكر.

@agrni