لو لم نجده عليها.. لاخترعناه...!
سنابل موقوتة
سنابل موقوتة
الاثنين - 01 أبريل 2019
Mon - 01 Apr 2019
كنت سأكتب عن نيسان والكذب، ولكني اكتشفت أني كتبت عن هذا الأمر مرارا، ثم إن الكذب لن ينتهي وسأكتب عن الأول من أبريل والكذب كهواية وكصنعة واحتراف، لكن بعد أن تنسوا أني كتبت عن هذا الموضوع من قبل، وأنا هنا أيها الأفاضل أحاول إقناع نفسي بأن هناك من يهتم أصلا بما أكتبه، ويتذكر ما كتبته قبل عام، وهذا أعلى مراحل الكذب وأصعبها في عالم الكذابين، وأعني مرحلة الكذب على النفس، وهي مهارة قبل أي شيء آخر، فالكذب على الآخرين سهل ويمارسه الجميع على الجميع، لكن أن تكذب على نفسك وهي التي تعلم الحقيقة فهذا إبداع وقدرة لا تتأتى للكثيرين، ولا يستطيع الوصول إلى هذه الدرجة إلا ذو وهم عظيم.
ويبرع في هذا الفن العريق أشخاص ومؤسسات ودول وجماعات، وقد يكون مقبولا لدى غير الفاهمين في هذا المجال الحيوي أن يكذب الإنسان أو الجهة أو الجماعة أو الوزارة على الآخرين اتقاء لشر السؤال أو المحاسبة أو اللوم، لكن المعضلة التي استعصت على أفهام الصادقين -عافانا الله- هي أن يكون الكاذب مقتنعا مؤمنا ومتيقنا بأن ما يقوله هو الحقيقة التي لا سواها حقيقة، وهذه الدرجة الرفيعة في الدجل يمكن أن يصل إليها الإنسان ـ أو الجهة أو الجماعة أو الدولة ـ بالتدريب والمثابرة على الكذب دون كلل وملل، فالملل هو العدو الأول والأخطر الذي يعوق الوصول إلى نشوة النجاح.
ولا أريد أن أكون من أسباب إحباط الساعين إلى هذه المرحلة، فالأمور تتغير وتتبدل والحياة أصبحت أسهل، والوسائل أصبحت متاحة للجميع، في السابق كان الكاذب إما شاعرا أو شخصا له مكانة رفيعة يستطيع أن يسوق وهمه على الآخرين بالقوة أو بالإقناع، أما اليوم فالكل يمكن أن يشارك في هذه الحفلة الجماعية، وكل إنسان ـ مهما قل شأنه وصغر عقله ـ لديه منصة يصل من خلالها لبقية الخلق في يسر وسهولة، وسيجد الأتباع المؤمنين بوهمه المريدين له.
ثم إن الأمر الأجمل أيها السيدات والسادة الأفاضل والفاضلات أن هناك تغيرات جينية تحدث للكائن البشري تساعد على الإبداع في هذا المجال، من هذه التغيرات المفيدة أن ذاكرة الإنسان تتحول بشكل متسارع لتكون شيئا قريبا من ذاكرة الذباب، وقد كانت الذاكرة القوية لدى الآخرين هي العائق المرهق للكذابين والكذابات، والأمر الآخر أن البجاحة سمة لا يمكن تجاهلها من سمات هذا الزمان، وهذه معضلة أخرى كانت تؤرق الكذابين السابقين، كانوا يخجلون حين يكتشف الآخرون كذباتهم. الآن لا حياء ولا ذاكرة، فما تنتظر أخي الكريم.
وعلى أي حال ..
حين وصلت إلى آخر هذا المقال وجدت أنه كله عن الكذب، مع أن أوله كان تلميحا إلى أني لن أتحدث عنه، ولم أجد في هذا مشكلة، المشكلة أنكم مازلت تصدقون كل ما يقال، وأن البعض وصل إلى قناعة أن الكذب غير موجود إلا في الأول من نيسان، وهذه مرحلة جيدة لا بأس بها من مراحل الكذب على النفس وخداعها.
@agrni
ويبرع في هذا الفن العريق أشخاص ومؤسسات ودول وجماعات، وقد يكون مقبولا لدى غير الفاهمين في هذا المجال الحيوي أن يكذب الإنسان أو الجهة أو الجماعة أو الوزارة على الآخرين اتقاء لشر السؤال أو المحاسبة أو اللوم، لكن المعضلة التي استعصت على أفهام الصادقين -عافانا الله- هي أن يكون الكاذب مقتنعا مؤمنا ومتيقنا بأن ما يقوله هو الحقيقة التي لا سواها حقيقة، وهذه الدرجة الرفيعة في الدجل يمكن أن يصل إليها الإنسان ـ أو الجهة أو الجماعة أو الدولة ـ بالتدريب والمثابرة على الكذب دون كلل وملل، فالملل هو العدو الأول والأخطر الذي يعوق الوصول إلى نشوة النجاح.
ولا أريد أن أكون من أسباب إحباط الساعين إلى هذه المرحلة، فالأمور تتغير وتتبدل والحياة أصبحت أسهل، والوسائل أصبحت متاحة للجميع، في السابق كان الكاذب إما شاعرا أو شخصا له مكانة رفيعة يستطيع أن يسوق وهمه على الآخرين بالقوة أو بالإقناع، أما اليوم فالكل يمكن أن يشارك في هذه الحفلة الجماعية، وكل إنسان ـ مهما قل شأنه وصغر عقله ـ لديه منصة يصل من خلالها لبقية الخلق في يسر وسهولة، وسيجد الأتباع المؤمنين بوهمه المريدين له.
ثم إن الأمر الأجمل أيها السيدات والسادة الأفاضل والفاضلات أن هناك تغيرات جينية تحدث للكائن البشري تساعد على الإبداع في هذا المجال، من هذه التغيرات المفيدة أن ذاكرة الإنسان تتحول بشكل متسارع لتكون شيئا قريبا من ذاكرة الذباب، وقد كانت الذاكرة القوية لدى الآخرين هي العائق المرهق للكذابين والكذابات، والأمر الآخر أن البجاحة سمة لا يمكن تجاهلها من سمات هذا الزمان، وهذه معضلة أخرى كانت تؤرق الكذابين السابقين، كانوا يخجلون حين يكتشف الآخرون كذباتهم. الآن لا حياء ولا ذاكرة، فما تنتظر أخي الكريم.
وعلى أي حال ..
حين وصلت إلى آخر هذا المقال وجدت أنه كله عن الكذب، مع أن أوله كان تلميحا إلى أني لن أتحدث عنه، ولم أجد في هذا مشكلة، المشكلة أنكم مازلت تصدقون كل ما يقال، وأن البعض وصل إلى قناعة أن الكذب غير موجود إلا في الأول من نيسان، وهذه مرحلة جيدة لا بأس بها من مراحل الكذب على النفس وخداعها.
@agrni