مها عبدالله

كن شجرة

السبت - 30 مارس 2019

Sat - 30 Mar 2019

الأنانية تهمة يحاول الفرد تفاديها أحيانا بالتخلي عن أحلامه، ولكن بعد مدة يشعر بأنه ظلم نفسه عندما تخلى عن فرصة لأجل قريب أو صديق حتى لا يتهمه الآخر بالأنانية! إرضاء لأنانية الآخر، ومع الوقت يلعن نفسه وصديقه والزمان، لأنه تخلى عن آخر فرصة لم يأت لها مثيل حتى اللحظة.. لماذا؟ حتى لا يكون أنانيا! كل ما تحاول فعله من أجل تحقيق أحلامك دون النظر لرأيهم ورغباتهم يعتبر لديهم أنانية! وهي في الأصل فطرة إنسانية. شيطنوا الأنانية حتى يستغلوك، حتى تصبح في الخلف وخجول الخطى، فيمكنهم تخطيك بكل سهولة بعد أن حصلوا على ما تستحقه أنت.

الفطرة الإنسانية قائمة على الأنانية، وهي حب الذات الذي يحمل الإنسان على الدفاع عن نفسه وتنمية وجوده وحفظ بقائه، سوئها يكمن في تحولها من «إشباع الحاجة» إلى «طمع»، نعيب الأناني ونتغنى بالكريم، ماذا إذا زاد الكرم عن حده؟ ألا يصبح إسرافا وهدرا للنعمة؟ ألا يتحول إلى أمر سلبي؟ .. المعضلة تكمن في التطرف بالفعل وليس في ذاته.

كيف ستعيش دون إشباع حاجاتك؟ ما المشكلة في أن تمارس أنانيتك دون ضرر الآخر؟ لا تتخلى عن إشباع حاجاتك وتحقيق أحلامك بمحض إرادتك إرضاء لقريب أو صديق، احترم فطرتك الإنسانية ولا تشوهها بما يتعارض معها، الأنانية جزء من إنسانيتك، ولأنك مارست إنسانيتك في تحقيق ذاتك حتما ستمارس إنسانيتك أيضا في مساعدة قريبك أو صديقك.

هل تعلم أن الشجرة أنانية؟

الشجرة أعقل من الإنسان بمراحل، تنمو بهدوء وهي ثابتة في مكانها، تأخذ وقتها في البناء، وكلما كبرت زادت من حجم وقوة جذورها، فلو لم تقف على جذور قوية ثابتة ستطحن مع أول اصطدام بكرة بلاستيكية أضاعها طفل بحماسه لعبا، لا تثمر ولا تعطي غيرها خيراتها حتى تكفي نفسها، إذا لم تحصل على الماء والغذاء الكافي لن تثمر أبدا، ولن تسمعها تمن بكل ثمرة سقطت منها، أو أنت قطفتها طمعا، لأن ما وهبته أو تخلت عنه ستصنع غيره كما صنعت ما قبله.

لو تمنعت الشجرة عن إعطائك أغصانها .. أيها النجار.. رغبة في أن تثمر، هل ستنعتها بالأنانية؟

الأكثر قراءة