أفنان محمد حياة حياة

تمهل قبل النشر!

السبت - 30 مارس 2019

Sat - 30 Mar 2019

أصبحنا نتعامل مع الجوال على أنه أداة توثيق، بضغطة زر نستطيع أن نلتقط صورة أو نسجل مقطع فيديو قصير، ومع ظهور عديد من وسائل التواصل الاجتماعي أصبح نشر ومشاركة اللحظة مع الآخرين أمرا سهلا جدا، بضغطة زر أيضا، ولكن تلك الضغطة البسيطة التي لا تكترث لها في كثير من الأحيان لتسجل موقفا بالشارع أو مناسبة أو حالة معينة للآخر وتنشره قد تكلفه الكثير وتنتهك خصوصيته، فالتواجد بالأماكن العامة ومع الجميع لا يعطيك الحق في انتهاك خصوصية الآخر وأن وتجعل منه مادة، سواء ساخرة أو جدية أو حتى أن تنقل الموقف لتسجل رأيك أو وجهة نظرك تجاه ما شاهدته.

علينا أن نعي عواقب تلك الممارسات التي نفعلها مع تطور الوسائل التواصل الحديث دون أن نفكر قبلها أو أن نضع أنفسنا بذات الموقف، فهل كنت ستكون راضيا لو التقط أحدهم صورة لك أو سجل فيديو مصورا ومن ثم نشرهما للجميع دون إذنك؟! وأصبحت مادة متداولة بتلك الوسائل وتشاهد ردود أشخاص لا يمتون لك بصلة ولم يكونوا حاضرين في الموقف ليسجلوا آراءهم تجاهك؟! ولأننا لا نفكر كثيرا في بعض الأشياء التي تصبح عادة، لا نسطيع أن نقيم مدى الضرر الذي قد تلحقه تصرفاتنا بالآخرين إن لم تكن محسوبة.

هناك العديد من المقاطع التي تنتشر بين الفينة والأخرى، وتصبح أحاديث الناس وتتداول بشكل كبير كانت بالأساس بغير دراية أصحابها وموافقتهم، وسجلت من قبل شخص قرر أن تكون حياة الآخرين مادة دسمة لنشرها والاستفادة منها للحصول على متابعات وانتشار بوسائل التواصل الاجتماعي، وقد يعتقد البعض أنه يحدث فارقا بحياة شخص آخر من خلال تسجيل الموقف وطرحه كقضية رأي عام من خلال هذة الوسائل.

ويبقى الأمر سلاحا ذا حدين، فحتى إن كانت النية الحسنة موجودة بداعي المساعدة وإيصال معاناة أو رسالة معينة، إلا أنه يجب علينا أن ندرك أن هؤلاء الأشخاص لا يعيشون بمعزل عن المجتمع المحيط، وقد يؤدي انتشار هذه المقاطع إلى الإضرار النفسي بهم لاحقا في الحياة بعد تجاوز هذه المرحلة، وأحيانا لا تكون النية الطيبة موجودة بقدر نشوة الحصول على تلك المادة التي تستطيع أن تجذب انتباه الآلاف من متابعي وسائل التواصل الاجتماعي على حساب الآخرين، كبعض مقاطع التي تنتشر من المناسبات الخاصة، خاصة تلك التي تستفز عادات أو تقاليد أو المحظورات في ثقافة مجتمع ما بداعي الانتقاد والاستنكار.

هذه الحالة التي ولدتها وسائل التواصل الاجتماعي حالة نشوة الظهور والانتشار والتواجد حتى وإن كانت لا تحمل المبادئ وتكسر الأعراف لتحقيق رغبة الوصول والحصول على عدد أكبر من المتابعات، وأن يكون الشخص تحت محط الأنظار ومتداولا، جعلت من الأشخاص يتسابقون في نشر الصور والفيديوهات دون تفكير، لذلك علينا أن نعيد النظر بالعادات التي نكتسبها من خلال استخدامنا لهذه الوسائل، وأن نزرع قيما ومبادئ ثابتة بنفوس المستخدمين للتقليل من أضرار انتهاك خصوصيات الآخرين والتأثير بحياتهم بشكل سلبي.

afnan_hayat@