علي الغامدي

نيوروسينما

الخميس - 28 مارس 2019

Thu - 28 Mar 2019

في اللحظة التي تشاهد فيها فيلمك المفضل هناك من يشاهدك وأنت تشاهد الفيلم ويتجسس على أفكارك.

قد تبدو هذه الفكرة ضربا من الخيال لكن في الحقيقة هذا ما يحدث يوميا في معامل استوديوهات هوليوود. ففي ظل السباق المحموم للحصول على جوائز الأوسكار وتحقيق أعلى عائدات مالية أصبح المنتجون يستخدمون جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة للتأثير بعمق على مشاعر المشاهدين والحصول على أعلى نسبة مشاهدات.

لتحقيق ذلك اتجه منتجو الأفلام إلى سلوك منعطف خطر ومرحلة جديدة من التلاعب بالعقول نشأت من خلالها فكرة النيوروسينما (Neurocinema). وهي استخدام أحدث تقنيات علم الأعصاب لتحليل وتسجيل ردود أفعال المتابعين تجاه مشاهد معينة من أي فيلم.

تعتمد فكرة هذه التقنية على استخدام أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي (fMRI) لرصد نشاط مناطق مختلفة من الدماغ أثناء مشاهدة فيلم معين وتعديل المشاهد بناء على هذه النتائج. وتم تجربة هذه التقنية مبدئيا على عينات عشوائية من المتابعين عند مشاهدتهم لفيلم أفاتار والذي يعتبر من أكثر الأفلام إثارة وتحقيقا للأرباح على مدى التاريخ. وتم تسجيل أعلى درجات الإثارة وأقلها في مناطق معينة من الدماغ وتحديد المشاهد المسؤولة عن ذلك.

بل وصل الأمر إلى مراحل متقدمة، حيث يتم تغيير المشاهد لتكون أكثر إثارة مما كانت عليه في السابق بعد تعديل النصوص واختيار الشخصيات الأكثر مناسبة للمشهد وتغيير الأصوات والخلفيات الموسيقية في كل مرة لجعل المتابع يعيش قصة الفيلم بنفسه.

ما يهتم به المنتج هو كيف يصنع مشهدا يحقق فيه أعلى درجات الانتباه لديك ويؤثر على عواطفك بشدة ويثير مخاوفك وذكرياتك السابقة وكيف يجعل عينيك تتركز على منطقة معينة من الشاشة. وعندما يفهم منتج الفيلم كيف تتأثر أفكارك يبدأ بالمرحلة التالية وهي التلاعب بك حيث يصدمك بمشاهد تأسر مشاعرك بشدة. كل هذا يحدث ليمنحك أفضل تجربة ممكنة أثناء المشاهدة.

هذه التقنية جعلت الكثير من الشركات تتسابق لتوفير تقنية النيوروسينما لضمان تحقيق نجاح الفيلم ورفع عائداته المالية بتكلفة لا تتجاوز 100 ألف دولار تقريبا لفيلم يحصد عائدات بمتوسط 350 مليون دولار. لم تقتصرهذه التقنية على صناع أفلام هوليوود بل بدأت تغزو أسواق صناعة الأفلام في الهند وكوريا أيضا.

رغم أن فكرة النيوروسينما أثارت حفيظة الكثير من المنظمات الأخلاقية بدعوى إساءة استخدام العلم في التلاعب بعقول ومشاعر المشاهدين إلا أننا موعودون بجيل أكثر إثارة من الأفلام.

في طفولتي كانت لدي أمنية، وهي أن أمتلك قدرة خارقة تمكنني من قراءة أفكار الآخرين دون أن أتحدث إليهم. يبدو أن هذه الأمنية اقتربت كثيرا الآن.

  • هناك من يراقبك أثناء مشاهدتك للأفلام

  • كيف تحولت صناعة الأفلام إلى معامل لدراسة العقل البشري

  • ماذا يحدث عندما يفهم منتجو الأفلام ما يدور في عقلك؟




AliGhamdi2@