رجال الحراسات الأمنية.. شرف العمل وتحقيق الأمل

الاحد - 24 مارس 2019

Sun - 24 Mar 2019

لا شك أن الأمن كمكون وقيمة يعد الكلمة الأولى والأخيرة في حياة الأوطان، فهو منة الله على خلقه «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»، وهو تذكير رسول البشرية لأمته «من أصبح منكم آمنا في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها»، ولم يغب الأمن كمكون شرياني عن أهل اللغة والأداب والمؤرخين فدونكم إدوارد جيبون المؤرخ الإنجليزي يجري مقارنة بين قيمتين من العيار الثقيل، فيقول «وفي النهاية فإن الأمن سيكون له الغلبة حتى على الحرية»!

ولأجل كل هذا فقد بات من المؤكد أن الاحتفاء بإخواننا رجال الحراسات الأمنية (غير العسكريين) الذين يقومون بحراسة المنشآت التجارية والدوائر الحكومية المدنية والمرافق العامة من أسمى الممارسات التي تزيد من تعزيز اللحمة بين أبناء هذا الوطن، والذين تأصلت فيهم قيم العطاء والوفاء كابرا عن كابر حتى إنك لتخال أبا تمام ما نظم هذين البيتين إلا فيهم:

تراه إذا ما جئته متهللا

كأنك تعطيه الذي أنت سائله

ولو لم يكن في كفه غير روحه

لجاد بها فليتق الله سائله

ولأن العطاء لا يعني (حصريا) دفع المال للمستحق، فإن لهذه الطبقة الغالية في المجتمع حقوق ينبغي أن نتسابق إلى تحقيقها من خلال عمل منظم وممنهج يضمن بالنتيجة حياة لا تشوبها منغصات، ويضفي على هذه الشريحة الكريمة الاستقرار النفسي والبهجة والفرحة، ومن ذلك على سبيل المثال:

1 - التأكد من قبل الجهات المعنية أن رجال الحراسات الأمنية يتقاضون الحد المنصوص عليه نظاما من المستحقات المالية وفي مواعيدها تماما، مأخوذا في الاعتبار عمر حارس الأمن، وعدد أفراد أسرته ومن يعولهم شرعا.

2 - التأكد من تمتعهم بالتأمين الطبي الشامل ومن يعولون شرعا من قبل المشغل، مع دفع مرتب إضافي لهم أوقات الذروة كالعيدين، ليتسنى لهم مشاركة مجتمعهم هاتين الفرحتين، ومقابلة الاحتياجات المالية الخاصة بهاتين المناسبتين.

3 - أرى أيضا أن تقوم الجهات الحكومية والخاصة التي تعمل لديها مجموعة من إخواننا رجال الحراسات الأمنية بإشراكهم في مناشطها وتقديم بعض الامتيازات لهم، فإن كانوا حراسا لدى دور التدريب فلتقدم لهم دورات مجانية تطور آداءهم، وإن كانوا في مستشفيات خاصة فلتمنحهم تخفيضات، وإن عملوا في مدن الألعاب والترفيه فلتمنح أبناءهم كوبونات مجانية للتسلية، وإن كانوا في مجال البنوك والصرافة فلتقدم لهم قروضا بلا فائدة، وإن كانوا في معارض بيع السيارات فلتمنحهم تقسيطا ميسرا بسعر النقد.. وهكذا.

4 - أرى أيضا أن يكون هناك احتفاء سنوي من قبل الجهات المشغلة لرجال الحراسات الأمنية، تقدم لهم فيه الهدايا العينية والمالية، ويكرم المثاليون منهم ويفتح الباب لمن يريد المساهمة في تكريمهم، وذلك بالإعلان عن الحدث قبل حلوله بوقت كاف.

5 - أرى أيضا ضرورة رفع تأهيل رجال الحراسات الأمنية معرفيا، ذلك أن العلم والمعرفة قوة ويد طولى في مواجهة الحياة العصرية وأداء العمل كما يجب، وليكن ذلك بتعاون تام بين ثلاث جهات، هي: جهات التعليم والتدريب والشركة المشغلة والجهة المستفيدة من خدماتهم، وقد يتم هذا التأهيل من خلال مراكز خدمة المجتمع بالكليات والجامعات أو بمعاهد التدريب بالقطاع الخاص.

أختم بالتذكير بأن رجال الحراسات الأمنية يقدمون لمرافق العمل - بعد حفظ الله - الأمن، ولذا فلا أقل من أن نوفر لهم الأمان والطمأنينة من خلال هذه الممارسات التي تعزز التكاتف والتآلف والوحدة بيننا كإخوان متحابين على صعيد بلد كريم واحد، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.