طلال الحربي

المملكة وحقوق الإنسان بلسان العيبان

الاحد - 24 مارس 2019

Sun - 24 Mar 2019

قبل أيام عدة ترأس رئيس هيئة حقوق الإنسان السعودية الدكتور بندر العيبان وفد المملكة في الدورة الـ 34 لجمعية حقوق الإنسان في جنيف، وقبل تحليل كلمة العيبان نبين أن مصطلح حقوق الانسان يعد مصطلحا مطاطا، لا يمكن أن تصل إلى تفاهم واتفاق أممي على بنوده وقواعده، ونعم اتفق على بعض الأرضيات مثل حرية التعليم والصحة والمسكن والتعبير عن الرأي، وهذه الأمور التي وإن كانت تعتبر حقوقا للإنسان إلا أنها حقوق تتداخل بين كونها مكتسبة وبين كونها ممنوحة مستحقة، والفرق شاسع لذلك، ولكننا ومع كل حديث عن مثل هذه المصطلحات لا يسعنا إلا التأكيد أننا نمتلك الملف الأفضل والأشمل لمفهوم حقوق الإنسان وهو الشريعة الإسلامية السمحة.

الفكرة اليوم ليست في توضيح مفاهيم حقوق الإنسان وما هو موقف الإسلام منها، بل الفكرة هي سياسية بحتة، لأن هذا الاجتماع في جنيف يأتي في فترة حساسة للغاية في تاريخ المنطقة والمملكة على وجه الخصوص، خاصة ونحن نتعرض بشكل ممنهج إلى حملات متتابعة تهدف إلى إظهار المملكة على أنها دولة عدوة لحقوق الإنسان، وهذه الحملات وإن كنا نعلم مصدرها إلا أن سبب انتشارها وأخذها مساحات غير مطمئنة ليس قوة هجومها، بل ضعف ردنا وإعلامنا وتواضع برامج التصدي لدينا.

العيبان في كلمته تحدث بصوت المنطق، موضحا أن المملكة اليوم تمر في مراحل تطويرية وتغيرية في التنمية بشكل شمولي عام، وأن رؤية المملكة 2030 ستغير كثيرا من المفاهيم السائدة في المملكة، وتنقل الواقع المجتمعي إلى مراحل أخرى متقدمة، وكلمة العيبان كلمة متوازنة خاصة في حديثه عن اهتمامات ولاة الأمر لدينا على وجه الخصوص سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يحفظهم الله، لكن السؤال الذي أود طرحه: هل كلمة العيبان تكفي؟ وهل مشاركة وفدنا الرسمي تعطي صورة قادرة على عكس واقع المملكة والتصدي لهذه الحملات الشرسة المستمرة؟

دون وجود إعلام سعودي متخصص في التأثير على تجمعات الإعلام الدولي العالمي، فإن كل محاولاتنا لن تعطي ما نتمنى، ولعل البعض سيقول: هل نحن بحاجة إلى مثل هذه التصديات والتوضيحات؟ أقول: نعم بحاجة وبحاجة مهمة وماسة، فنحن لا نعيش وحدنا في العالم، ولكن ما يميزنا عن غيرنا هو أن لدينا منهاجا مجتمعيا إنسانيا منبثقا من شريعة إلهية لم تترك كبيرة ولا صغيرة إلا وعالجتها، غير أن التحدث بلغة الإسلام في مثل هذه المحافل قد يكون أقل قوة أمام مجتمعات دولية غير مسلمة أساسا، وقد يعتبر باب دعوة للإسلام في عصر أكثر ما يميزه اليوم هو حربه على الإسلام والمسلمين ورموز الوسطية الإسلامية وأولهم المملكة العربية السعودية.

ما نريده هو فكر إبداعي قادر على التصدي لكل محاول للتشويه والتشويش على حقيقة واقعنا السعودي، ولكننا نريده فكرا إبداعيا بلغة يفهمها العالم، التناقضات في الملف الحقوقي الإنساني حول المملكة كبيرة جدا، فتارة يظهروننا على أننا لا نملك من مقومات حقوق الإنسان شيئا، بل حتى أصبحوا يقيمون التطبيقات الالكترونية التي تقدم خدمات من بوابة، هل هي إنسانية الحقوق أم لا؟! وتارة يقدمون المواطن السعودي على أنه الأكثر استهلاكا في العالم، والأكثر رفاهية وإنفاقا داخل وخارج وطنه، ولا أعلم، أليست أهم فواصل حقوق الإنسان أن يعيش كما يريد ويتصرف بماله كما يشاء؟

رسالتي إلى العيبان أنك في موقف مهم للغاية ومشاركتكم في جنيف رغم أهميتها إلا أنها لم تأخذ نصيبها من التغطية الإعلامية الكافية، والسبب أنك لم تحمل معك ما يمكن أن يسوق إعلاميا، لهذا فإننا نمد لكم الأيادي للتعاون والمشاركة في وضع برامج عملية ذكية في مجال حقوق الإنسان، ليس فقط من التحقيق الذاتي الداخلي له بالمتابعة والرقابة، بل أيضا لنبلغ العالم كله أن دولة التوحيد دولة عصرية بمفاهيم متطورة ومواطنها لا يقل حضارة عن أي فرد من أي شعب في العالم.