أحمد صالح حلبي

متى يصبح وزير الصحة مواطنا؟

الخميس - 21 مارس 2019

Thu - 21 Mar 2019

يبدو أن أحلامنا وتطلعاتنا نحو خدمة صحية مميزة ستظل منحصرة في دائرة الحلم، فما حدث ويحدث في الخدمات الصحية لا يعدو سوى تصريحات وبيانات صحفية أطلقها البعض من مسؤولي وزارة الصحة، وإن نظرت نحوها لوجدتها خدمات معتمدة على تطبيقات، ومنحصرة في تحديد مواعيد للكشف، كانت في السابق منحصرة على المستشفيات، لكنها سرعان ما تحولت إلى المراكز الصحية، لتقول للمريض «يرجى حجز موعدك قبل مرضك»، ونخشى أن يأتي اليوم الذي نجد فيه تطبيقا يقول «احجز موعد دفنك، قبل وفاتك، لتريح أهلك من البحث عن قبر لك».

أما المرضى داخل المستشفيات فالشواهد تؤكد معاناتهم، سواء كانوا بأقسام الطوارئ، أو العيادات الخارجية، أو التنويم، ولا أعرف إلى متى يظل معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة ملتزما الصمت، فلا يتحول من وزير إلى مواطن، ويرتدي ثوب المواطن ويتجول داخل أروقة المراكز الصحية والمستوصفات والمستشفيات، ليرى كيف يقف المواطن طالبا وراجيا علاجا يسكن ألمه، بينما نرى بعض الأطباء وقد هجروا مواقعهم لتعديل المزاج بشرب كأس شاي أو فنجان قهوة، تاركين صفوف المرضى أمام أبواب عياداتهم كالمتسولين.

وإن سألنا عن البرامج الخدمية الجديدة، برز الإعلام الصحي متحدثا بعبارته الشهيرة «توفير خدمات أفضل للمرضى»، مدخلا التطبيقات الذكية كتطبيق «موعد» كخدمة الكترونية، يقال إنها تمكن المستفيد من حجز مواعيده في مراكز الرعاية الصحية الأولية، فهل يعلم المريض موعد مرضه ليحجز موعدا قبل مرضه؟.

وإن رضخ المواطن للواقع، والتزم بتطبيقات وزارة الصحة، فهل سيجد العلاج المناسب له؟ وهل سيلتزم الطبيب بأداء عمله؟

لا أعتقد ذلك حتى وإن قيل بأن خدمة (937) تعمل على مدار الساعة، ويمكن التواصل معها لنقل المعاناة.

وسؤالي لمعالي الوزير، ووكلاء الوزارة: أيعقل أن يكون مستشفى تخصصي بمكة المكرمة كمستشفى النور معتمدا على استشاري واحد، وفي حال سفره أو تمتعه بإجازة اضطرارية تلغى مواعيد جميع المرضى؟

وقبل أن ينفي الإعلام الصحي ما سأورده، أقول وبالتفصيل إن البداية كانت برسالة تلقتها مريضة تقول «تذكير بموعد الملف (.....) الوصول 7-07-1440 الساعة 1-12 م في الجلدية»، ثم تأتي رسالة ثانية تقول «تم إلغاء الموعد في عيادة الجلدية يوم Thursday 7-07-1440 للملف رقم...».

ثم تأتي رسالة أخرى تقول «في تخصص طب الجلدية فرز - مستشفى النور التخصصي الخميس 07-رجب-1440، 01:25 PM يرجى الحضور قبل 10 دقائق من الموعد»، ولعل الأجمل أن تختم الرسالة بعبارة «تحكم بموعدك بسهولة من خلال تطبيق موعد». فما تفسير هذه الرسائل؟

ثم ماذا يعني تطبيق «منارة الصحة»، أيعني أن يطالب المريض بحجز موعده، وهو داخل المستشفى؟

ولماذا لا تقوم بذلك موظفات الاستقبال؟

إن ما أريد قوله إننا لسنا بحاجة إلى كلمات بلاغية يصدح بها مسؤولو الصحة عبر تصريحاتهم الإعلامية، بل نحن بحاجة إلى تحرك عملي يصحح مفهوم التطبيقات التي أطلقتها الوزارة.

وأتمنى من الدكتور توفيق الربيعة أن يقوم بزيارة لأي مركز صحي عادي يقدم خدمات إسعافية بسيطة للمرضى، ليرى كيف يعامل المريض من قبل موظفي المركز، بأسلوب العلو والفوقية، وإن حاولت نقاش أي منهم وجدت صدا عنيفا، وحينها لا يكون أمامك سوى خيارين، إما الصبر والرضوخ للأمر الواقع، أو التوجه صوب مستوصف أو مستشفى خاص إذا كنت تملك تكاليف العلاج.

فهل نرى معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة، مرتديا ثوب المواطن ويدخل أيا من منشآت وزارة الصحة، دون أن يصطحب معه أيا من مسؤولي الشؤون الصحية، أو فلاشات الكاميرات، ليرى كيف يعامل المريض ممن يقال إنهم ملائكة الرحمة؟ أم سنظل نمني أنفسنا بآمال وأحلام يصعب تحقيقها؟

[email protected]