المتسوق الخفي: الاستدامة وقابلية التوسع

الأربعاء - 20 مارس 2019

Wed - 20 Mar 2019

المتسوق الخفي تاريخيا (سابقا وحتى اليوم) هو شخص يعمل لجهاز رقابي ويتقمص دور الزبون أو العميل ليراقب ويقيم الأعمال وأداء الجهات التي تقدم خدمات حكومية وأيضا تستخدم من الشركات لأعمالهم، فمثلا شخص مراقب يزور المستشفى ويدخل على أنه مريض لكي يقيم أداء المستشفى ويسترق السمع من المتذمرين، وكذلك شخص مراقب يتسوق في المولات والمستودعات ليراقب مدى التزامها بالواجبات المتوقعة منها، بالإضافة إلى بقية المئات والآلاف من الخدمات الموزعة في المدن والمحافظات وحتى الخدمات الالكترونية للخدمات الحكومية.

هذه الطريقة للأعمال كانت مجدية سابقا، أما الآن فلو تم اعتماد مثل هذا العمل سنحتاج لمئات الآلاف من الموظفين ليقوموا بهذه الأعمال، وهي آلية غير قابلة للتوسع ولا للاستدامة. المتسوق الخفي اليوم يحتاج بأن يعتمد على العصا السحرية (التكنولوجيا) بشرط أن يصمم بطرق وآليات ذكية جدا على شكل تطبيقات ذكية يشارك بها السكان (مواطنين ومقيمين) والمستفيدون من الخدمات لتكتمل التغطية الرقابية.

هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن ينجح فيه دور «المتسوق الخفي» بأقل التكاليف والجهود.

يفترض تطوير تطبيق ذكي جدا (وليس فقط ذكيا) للمتسوق الخفي حيث يمكن كل ساكن من المشاركة في تسجيل الملاحظات على الخدمات والتبليغ عن نواقص الخدمات، وهي الطريقة الأكثر فعالية لحرص مزود الخدمة على تقديمها بأفضل شكل.

حاليا تحدث كثير من هذه الانقطاعات أو الملاحظات أو حتى المشاكل في بعض الخدمات (مثل انقطاع خدمات الكهرباء، انقطاع خدمات المياه، حفريات وخرابات بسفلتة الشوارع، تصريف الأمطار، انقطاع خدمات الاتصالات والانترنت وتأخير وإلغاء خدمات النقل من قطارات وطيران وغيرها) وليس أمام السكان إلا التبليغ والشكوى، وعادة لا تتعدى هذه الشكاوى الجهة المعنية بتقديم الخدمة، فتتم مباشرة الحالة ويتم الإصلاح وقد يتأخر أحيانا وربما يكون الإصلاح جزئيا، وأيضا قد يتكرر لنفس الحي، وليس هناك آلية لرصد هذه الانقطاعات والمشاكل، ولا توجد دوافع تحمل مزودي الخدمات على الخوف من البلاغات.

التصور المفترض أن يقوم به (تطبيق المتسوق الخفي) هو توفير خدمات التبليغ عن الانقطاعات أو الملاحظات لأي من الخدمات المذكورة، ويصل البلاغ لمركز الأداء الذي يراقب الخدمات والأعمال جميعها (وهو يرتبط تنظيميا برئيس مجلس الوزراء)، فإذا تكرر البلاغ من أكثر من 10 أشخاص (مثلا) في نفس الحي لنفس الخدمة يتم رصد هذا التدني للخدمة فيكون تدخل جهات رقابية (من غير مزودي الخدمة) تبحث وتسأل عن الأسباب (على خلاف ما هو معمول به اليوم).

أيضا يتم رصد تكرار انقطاع الخدمة لنفس الحي بدرجة أعلى، فكلما تكرر الخطأ أو تزايد، يتم رفع مستوى التدخل حتى يصل لأعلى الجهات الرقابية.

بهذه الطريقة يحرص مزودو خدمات الكهرباء والماء والاتصالات والطرق وغيرها على تقديم أفضل الخدمات لجميع أحياء المدن والقرى بنفس المستوى، وهذا هو الهدف لتبني المملكة لبرنامج المتسوق الخفي ضمن برامج التطوير والتحول.

بمثل هذه الطريقة يشارك الساكن بالتبليغ عن تدني الخدمات من خلال تطبيق المتسوق الخفي الذكي بفعالية وتصل لأعلى المستويات بنفس اللحظات، فيتم تقييم تلك الجهات المزودة للخدمات وتبقى السجلات محفوظة للانقطاعات المتكررة لكي تتخذ بها إجراءات مناسبة لضمان عدم تكرارها.

أود أن أؤكد بأن منهجية العمل ستجبر مزودي الخدمة على الحرص على تقديم أفضل الخدمات، وأوضح بأن كل ما ورد في هذا المقال اقتراح شخصي، وأتمنى تطبيقه ضمن برنامج المتسوق الخفي لـ«مركز أداء».

Barjasbh@