عبدالله المزهر

الحياة خضراء لو كنتم تعقلون...!

الأربعاء - 20 مارس 2019

Wed - 20 Mar 2019

في المشاريع الكبرى لمدينة الرياض التي دشنها خادم الحرمين مساء أمس الأول، كان أكثر الأشياء إبهاجا بالنسبة لي هو موضوع التشجير، لدي هوس بالخضرة والمياه، والوجوه الحسنة بالطبع وإن كان بدرجة أقل.

كثيرون مثلي أبهجهم هذا الخبر، وكثيرون تكلموا مرارا وتكرارا عن التصحر والوجه البشع للرياض وغيرها من المدن التي تغيب عنها المساحات الخضراء بشكل غريب.

والحقيقة أيها الناس أن ما أعلن عنه بالأمس كان أكثر من طموحاتي التي تقلصت في الأعوام الأخيرة إلى حدها الأدنى، كنت أحلم فقط بأن تترك الشجيرات الناجية في حالها، وأن تكف يد كل أولئك الذين لا يرون الشجرة الخضراء إلا «حزمة» حطب لم تنضج بعد.

زراعة أكثر من سبعة ملايين شجرة أمر أكثر من قدرتي على التخيل بعد أن بلغ مني اليأس مبلغه، ولا زلت أقول إن هذا لن يحدث، ليس لأنه لن يحدث، ولكن لأن شجرة الأمل في داخلي اقتطعها حطاب ما، وأحتاج إلى وقت لكي تنمو شجرة أمل جديدة، إني أعاني مما عاناه وجه الرياض الشاحب وأنتظر نمو شجرة الأمل كما تنتظر ميادين الرياض أن تصبح خضراء تسر الناظرين.

آخرون قد يكون أثار اهتمامهم ونال استحسانهم أمور أخرى في المشاريع المعلنة غير موضوع الأشجار والخضرة، ولكن الإنسان ينجذب إلى الأشياء التي يحبها أكثر من غيرها، حتى وإن ظن الآخرون أنها أقل أهمية. وأنا على وشك الإيمان بما يقوله عني بعض الصدقاء من أني كنت شجرة في حياة سابقة، زوجتي لم تقل هذا بعد ولذلك لا زال الأمر محل شك بالنسبة لي. وهذا ليس من باب المديح بالطبع فالزيتونة شجرة والحنظلة شجرة هي الأخرى.

وبما أن الأحلام أصبحت تتحقق فيما يبدو أسرع مما هو متوقع فلعلي أحلم أيضا بأن يتم اختيار الأشجار التي ستتم زراعتها بعناية، وأن تعتق النخلة لوجه الله ويكتفي بوجودها في المزارع والأماكن التي يستفاد فيها من إنتاجها. ليس لأنها ليست جميلة، ولا لأن الرياض ليست مكانا مناسبا للنخيل، ولكن لأن التنوع جميل، وأيضا لأن بعض المدن الأخرى تحب أن تقلد الرياض فتضيع مشيتها ومشية الرياض، ولا زال ذلك الذي زرع النخيل في جبال السودة يمر في الذاكرة كمثال على أولئك الغارقين في «قلة الدبرة»، وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا.

وعلى أي حال..

أتمنى أن تصبح هذه المشاريع واقعا نراه وتسر به أنظارنا، وأن تنتقل العدوى إلى بقية المدن التي تعاني من علامات الشيخوخة المبكرة بسبب غياب المساحات الخضراء، وعدم فهم أمناء تلك المدن لطبيعة وتاريخ وجغرافية مدنهم، وأن يوجد جيل جديد من المهندسين «الفنانين» الذين يرون الجمال في أشياء أخرى غير «المواعين».

@ agrni