استنفار أمريكي لفك لغز ضابط مخابرات اختفى في إيران
بومبيو طالب طهران بإعادته.. الإف بي آي رصد مكافأة 5 ملايين دولار.. والكونجرس حول اسمه إلى قانون للرهائن
بومبيو طالب طهران بإعادته.. الإف بي آي رصد مكافأة 5 ملايين دولار.. والكونجرس حول اسمه إلى قانون للرهائن
الاثنين - 18 مارس 2019
Mon - 18 Mar 2019
قفز اسم ضابط مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت ليفنسون المحتجز في إيران إلى واجهة الأحداث في الأيام الماضية، بعدما طالب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو طهران بإعادته إلى أهله بعد اختفاء قسري استمر 12 عاما.
ورغم وجود خطة أمريكية جاهزة لتحرير ليفنسون من إيران مقابل مبلغ لا يتجاوز 250 دولارا، قادها ضابط الاستخبارات السابق بالقوات الجوية بوب كينت، إلا أنها توقفت في 10 ديسمبر 2018، قبل أن يستقل الطائرة في مهمة سرية بالشرق الأوسط وما زال البحث جاريا عن ليفنسون لحل لغز اختفائه، وفق عدد من الصحف الأمريكية الشهيرة.
قصة اختفاء ليفنسون
اختفى ليفنسون عام 2007 في فندق بجزيرة كيش الإيرانية، شوهد مرتين منذ ذلك الحين، لأول مرة في شريط فيديو استلمته عائلته من وسطاء عام 2010، ثم في صور أرسلت بعد 3 سنوات، تظهره كرهينة يصرخ ويتوسل طلبا للمساعدة.
في البداية، زعمت الحكومة الأمريكية أنها لم تكن على علم بما ذهب ليفنسون إليه، وهو خبير في الجريمة المنظمة الروسية إلى إيران، ونفى نظام الملالي احتجازه، لكن كشفت وكالة أسوشيتد برس ومنافذ إخبارية أخرى عام 2013 أن الوكيل السابق ذهب إلى كيش في مهمة سرية من وكالة المخابرات المركزية للتحقيق في غسيل الأموال الإيراني.
بالنسبة لعائلة ليفنسون، يفسر النفي الأمريكي لماذا لم تتابع الحكومة إطلاق سراحه على نحو كاف على مر السنين، أو في تبادل للأسرى أجرته إدارة أوباما مع إيران، لقد كان مصدر إحراج لكل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية، كما وجدت إمكانية أن الفصائل المتنافسة في إيران لم تكن قادرة على الاتفاق على إطلاق سراحه بعد سنوات من إنكار اخفائه لديها.
خطط يائسة
وضعت الأسرة خططها الخاصة اليائسة في محاولة للإفراج عنه، شاركت في مأساة العشرات من العائلات التي اختطفها الإيرانيون أو حزب الله على مدى عقود، بما في ذلك أربعة أمريكيين آخرين ومقيم دائم في الولايات المتحدة تحتجزه طهران في الوقت الحالي.
باتت قضية ليفنسون أكثر خطورة بعد الكشف عن مهمته الخاصة بوكالة المخابرات المركزية، ناهيك عن الغموض، لكن في عام 2013 حصل على تمييز آخر مشكوك فيه، حيث أصبح أطول رهين محتجز في التاريخ الأمريكي، وصادف التاسع من مارس الذكرى السنوية الثانية عشرة لاختفائه.
أدوار متشابكة
ضابط الاستخبارات الأمريكي بوب كينت، أحدث حلقة في سلسلة من اللاعبين غير المحتملين في البحث عن الرهينة المفقودة، بما في ذلك قاتل إيراني في وقت سابق، ومحقق متقاعد مع وكالة المخابرات المركزية، وعميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومدع فيدرالي سابق، وسائق شاحنة في فيلادلفيا، وروسي، جميعهم غرباء أو عملاء سابقون.
قال باري ماير، مؤلف كتاب «رجل مفقود 2016.. الجاسوس الأمريكي» «لسنوات، كان هناك عرض ثابت للأشخاص ذوي النوايا الحسنة والمجانين وحتى الفاسدين الذين حاولوا مساعدة عائلة ليفنسون أو حاولوا استخدام حالة بوب لمساعدة أنفسهم».
مهمة كينت
باءت مهمة الاستخباراتي كينت، مثل كل الجهود الخاصة الأخرى لتحديد مكان ليفنسون بالفشل، ليس بسبب نقص الموارد أو الرجال أو المال، فقد عرض مبلغ 100 ألف دولار كمساعدات إيرانية للحصول على حزمة إثبات أنه على قيد الحياة، بما في ذلك بصمات الأصابع، وعينة الدم، وحين كان كينت مستعدا للمغادرة إلى المطار قبل ثلاثة أشهر، دخلت الحكومة الفيدرالية على الطريق، رافضة إعطاء تنازلا عن عقوبات إدارة الرئيس دونالد ترمب على إيران، حيث قال «تلقيت مكالمة هاتفية تبلغني بأن التمويل تم سحبه لأن وزارة الخارجية أو مكتب التحقيقات الفيدرالي هددا بالملاحقة القضائية»، بحسب قوله لمجلة نيوزويك.
5 ملايين دولار مكافأة
الإحباط في اللحظة الأخيرة لمهمة كينت يتناسب مع نمط طويل من الإهمال الرسمي، وأحيانا تدخل صريح في الجهود الرامية إلى تحرير وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، وعلق المحامي الذي عينته العائلة لمتابعة ماكجي قائلا «إنني مستغرب ومنزعج باستمرار من فشل حكومة الولايات المتحدة، من خلال ثلاث إدارات، في إعادة روبرت ليفنسون إلى وطنه، لقد أخذ من قبل أعداء هذا البلد أثناء خدمته، ولا يوجد مبرر أخلاقي لفشلهم في القيام بما هو ضروري لإعادته إلى الوطن».
رد مكتب التحقيقات الفيدرالي بشدة «في حين أننا لا نستطيع مناقشة كيفية تعاملنا مع تحقيقات معينة، على مدار السنوات الـ12 الماضية، عمل مكتب التحقيقات الفيدرالي باجتهاد لمتابعة كل مقدمات موثوق بها لتحديد مكان وجود بوب ليفنسون وسيواصل القيام بذلك، أمضى بوب 22 عاما في العمل كعميل خاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومع احتفالنا بالذكرى السنوية لاختفائه، فإن عزمنا على العثور عليه يزيد أكثر»، وفي الوقت نفسه، نشر المكتب مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل أي «معلومات يمكن أن تؤدي إلى العودة الآمنة لبوب ليفنسون».
جمع المعلومات
يقول كينت الذي كان يجمع معلومات استخباراتية عن التهديد للعملاء من الشركات في الشرق الأوسط لسنوات عدة منذ إطلاقه في سلاح الجو عام 2007، «صادفت قضية ليفنسون في أبريل الماضي، عندما كنت أتايع تحركات الناشطين الإيرانيين، ولا سيما سيف العدل، وهو من مواليد مصر وعلى لائحة الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي يشتبه في أنه يعمل لحساب الحرس الثوري الإيراني، تواصلت مع عملاء مكتب مكافحة الإرهاب لكنهم كانوا متشككين بشأن مصادر المعلومات».
التقى كينت بالمحامي ماكجي في مكتب التحقيقات الفيدرالي واستشعر مزاجا جديدا أكثر تعاونا، لقد خرج من منصبه ليعتقد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيساعد في تمويل الدفعة التي تبلغ قيمتها 100 ألف دولار، بعد أن قام بفحص المعلومات المتوفرة، ففي اجتماع مبكر في فبراير، كان كينت وماكجي مع عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية، أخبرهم المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روبرت أوبراين، أنه إذا قام OFAC بتصفية الصفقة وسمحت لهم وزارة الدفاع، قد تتمكن قيادة العمليات الخاصة من المساعدة في مهمة ليفنسون، وسرعان ما حصل ماكجي على اجتماع شخصي مع مسؤول العقوبات في وزارة الخزانة لمتابعة قضية التنازل. لكن في اللحظة الأخيرة، ألغت الوزارة موعد 8 فبراير.
تحديد موقع ليفنسون
في هذه الأثناء، كانت مجموعة خاصة تقترب من تحديد موقع ليفنسون، وأثارت هذه المجموعة طابعا غير متوقع، يقول والتون مارتن، وهو سائق شاحنة في منطقة فيلادلفيا وضابط سابق في البحرية، لمجلة نيوزويك إنه أصبح مهووسا بإيران خلال أزمة الرهائن في 1979- 1981، حيث اقتحم الطلاب ذوو العقلية الثورية في طهران السفارة الأمريكية وأسروا 52 من الدبلوماسيين والمواطنين الأمريكيين، وفي نهاية المطاف، أطلق مشروعا شخصيا لمساعدة الهاربين واللاجئين الإيرانيين في تركيا، حيث عمل عن كثب مع المفوض السامي للأمم المتحدة لمكتب اللاجئين في العاصمة أنقرة.
حرص كينت على الحصول على ممولين ومساعدين، فوجد جوزيف أوبرين، عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي قاد التحقيق الذي أجراه المكتب في الثمانينات من القرن الماضي إلى بول كاستيلانو، رئيس عائلة الجريمة في غامبينو، كان قد اعتبر ليفنسون مستشارا عندما عملوا معا في نيويورك، وفي عام 2016، عرض أوبراين وزميل آخر من مكتب التحقيقات الفيدرالي مساعدة المكتب في قضية ليفنسون مع اتصالاتهم مع الإيرانيين في المنفى، لكنهم رفضوا.
أدلة وهيئة محلفين
بدأ مارتن وأوبريان العمل معا والحصول على تقاريرهما الخاصة من داخل إيران على مكان وجود ليفنسون المزعوم، وعروض أدلة إثبات الحياة، ولكن كما هو الحال مع مكاجي وكينت مقابل ثمن، وطلبت الحكومة معرفة ما لديهم وكيف حصلوا عليه، وعارض مارتن الحذر من معالجة مكتب التحقيقات الاتحادي للحالة.
في 22 فبراير 2018، استدعاه تيجبال تشاولا، محام مساعد للولايات المتحدة في مقاطعة كولومبيا، مطالبا بمثوله أمام هيئة محلفين كبرى مع «جميع الرسائل والمراسلات والتقارير المتعلقة» بمكان «ليفنسون» وحالته ومكانه، وفي اجتماع متوتر مع مسؤولي وزارة العدل، سلم مارتن معلوماته.
ويقول أوبراين إنه سلم في وقت لاحق مجموعات من تقاريره الإيرانية إلى مكاتب وزير الدولة مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون بولتون، ولم يحصلا على أي رد، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي أخبر مارتن فيما بعد أنه «متشكك» بشأن صحة مصادره وتقاريره الإيرانية.
تفاصيل مثيرة
استمر أوبراين بمشاركة مارتن، في تطوير مصادره في إيران، وانضم إليهما خبير متقاعد في واشنطن، محقق عمل في قضايا مكافحة الإرهاب مع وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب عمله الحكومي المستمر، ظهرت تفاصيل مثيرة وأخبر مجلة نيوزويك أنه في ربيع 2018 التقى مع أبوالفضل بهرام ناهايديان، وهو إمام راديكالي من ولاية فرجينيا مقربا من إيران، وقال إن اتصالهما قد يوفر خلفية حول ليفنسون.
من بين اتصالات الإمام، ظهر المحقق ديفيد بيلفيلد، وهو أمريكي من أصل أفريقي اعتنق الإسلام، أخذ اسم صلاح الدين عام 1980 عندما شارك في اغتيال ناشط مناهض للنظام في بوتوماك بولاية ماريلاند، وبعد عقود في إيران، عرض نفسه على الصحفيين وغيرهم كمصدر للمعلومات والتحايل على النظام.
كان صلاح الدين هو الذي طار مع ليفنسون إلى جزيرة كيش للاجتماع في مارس 2007، لمناقشة غسل الأموال الإيراني رفيع المستوى في الخارج، واتصلت به زوجة ليفنسون، كريستين، بعد اختفائه، لكن الإمام زعم أنه ليس لديه معرفة محددة بعلاقة ليفنسون وأحال الأمر إلى سفارة باكستان التي تتولى شؤون إيران في واشنطن العاصمة.
أصر صلاح الدين أنه لا علاقة له باختفاء زوجها، وقام عملاء إيرانيون بإيقاعه في الفندق عندما التقوه، وقال إنه نفسه عانى من علاقتهما، حيث رفضت السلطات منحه جواز سفر جديدا أو وثائق سفر داخلية.
صرخات الزوجة
تشعر كريستين زوجة ليفنسون أن الحكومة خذلتها، قالت للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي «مرارا وتكرارا، فإن بوب تخلف عن الركب، أو تم تهجيره أو نسيانه»، وأضافت «زوجي خدم هذا البلد بلا كلل لعقود، يستحق الأفضل منا جميعا ومن حكومتنا، يحتاج سعينا اللامتناهي لإحضاره إلى الوطن، للقتال ليلا ونهارا ولا يدخر جهدا».
رفعت العائلة دعوى قضائية ضد إيران عام 2017 بسبب اختفاء روبرت ليفنسون، واستمرت في الدعوة لإطلاق سراحه، أدلت زوجته كريستين بشهادتها أمام لجنة في مجلس النواب، وأعربت عن إحباطها من الجهود المبذولة لإعادة زوجها، وقالت للمشرعين «أمل عائلتي في لم الشمل مع بوب لا تزال مجرد أحلام، لكن حتى الآن، قوبلت نداءاتنا ببعض الإجراءات».
تطلعات الابن
وعلق نجل العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه «متفائل» بأن الضغط المتزايد لإدارة ترمب على إيران سيساعد في تسهيل عودة والده، وقال دان ليفنسون لقناة باك سيكستون وكريستل بول «لقد أسقطت الحكومة الكرة، ولم يعالجوا الموقف بسرعة، ولم يتعاملوا مع إيران بحزم، نعتقد أن هناك فرصة ضائعة كبيرة أدت بنا إلى هذه النقطة، لكننا نأمل أن تتمكن إدارة ترمب في معالجة الأمر، وممارسة كل أنواع الضغط على إيران والتأكيد من أنه لم ينس».
وأشاد دان بموقف الرئيس ترمب المتشدد من إيران، وبالانسحاب من الصفقة النووية، وفرض عقوبات اقتصادية مستهدفة نفطها وبنوكها ومؤسساتها، وقال «حقيقة أنهم أعادوا العقوبات، ومن المأمول أن يعود الإيرانيون إلى طاولة المفاوضات»، وأضاف «من الصعب للغاية التعامل مع إيران، كانت هناك ثلاث إدارات، بدأت عام 2007، ونشعر أنه لم تبذل جهودا كافية لإعادته إلى وطنه خلال هذه السنوات».
قانون ليفنسون
تحول اسم الرهينة المختفي إلى قانون جديد، بعدما قدم النائب تيد ديوتش والسناتور بوب مينينديز وماركو روبيو، في الأيام الماضية ما يسمى بقانون «روبرت ليفنسون لاستعادة الرهائن»، بهدف تحسين الجهود لإعادة الأمريكيين المحتجزين بصورة غير قانونية، وقال دان ليفنسون لـتلفزيون ذا هيل «أشعر بالارتياح إزاء الإلحاح المتجدد لمثل هذه الجهود، أسرتنا لم تتخل عن الأمل»، وأضاف «سمع الناس أنه محتجز في مكان ما، لكن هذا أمر مشجع دائما لأننا نعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة، وأنه محتجز من قبل الحكومة الإيرانية، لذلك سنواصل الضغط حتى نعيده إلى المنزل».
من هو روبرت ليفنسون؟
ورغم وجود خطة أمريكية جاهزة لتحرير ليفنسون من إيران مقابل مبلغ لا يتجاوز 250 دولارا، قادها ضابط الاستخبارات السابق بالقوات الجوية بوب كينت، إلا أنها توقفت في 10 ديسمبر 2018، قبل أن يستقل الطائرة في مهمة سرية بالشرق الأوسط وما زال البحث جاريا عن ليفنسون لحل لغز اختفائه، وفق عدد من الصحف الأمريكية الشهيرة.
قصة اختفاء ليفنسون
اختفى ليفنسون عام 2007 في فندق بجزيرة كيش الإيرانية، شوهد مرتين منذ ذلك الحين، لأول مرة في شريط فيديو استلمته عائلته من وسطاء عام 2010، ثم في صور أرسلت بعد 3 سنوات، تظهره كرهينة يصرخ ويتوسل طلبا للمساعدة.
في البداية، زعمت الحكومة الأمريكية أنها لم تكن على علم بما ذهب ليفنسون إليه، وهو خبير في الجريمة المنظمة الروسية إلى إيران، ونفى نظام الملالي احتجازه، لكن كشفت وكالة أسوشيتد برس ومنافذ إخبارية أخرى عام 2013 أن الوكيل السابق ذهب إلى كيش في مهمة سرية من وكالة المخابرات المركزية للتحقيق في غسيل الأموال الإيراني.
بالنسبة لعائلة ليفنسون، يفسر النفي الأمريكي لماذا لم تتابع الحكومة إطلاق سراحه على نحو كاف على مر السنين، أو في تبادل للأسرى أجرته إدارة أوباما مع إيران، لقد كان مصدر إحراج لكل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية، كما وجدت إمكانية أن الفصائل المتنافسة في إيران لم تكن قادرة على الاتفاق على إطلاق سراحه بعد سنوات من إنكار اخفائه لديها.
خطط يائسة
وضعت الأسرة خططها الخاصة اليائسة في محاولة للإفراج عنه، شاركت في مأساة العشرات من العائلات التي اختطفها الإيرانيون أو حزب الله على مدى عقود، بما في ذلك أربعة أمريكيين آخرين ومقيم دائم في الولايات المتحدة تحتجزه طهران في الوقت الحالي.
باتت قضية ليفنسون أكثر خطورة بعد الكشف عن مهمته الخاصة بوكالة المخابرات المركزية، ناهيك عن الغموض، لكن في عام 2013 حصل على تمييز آخر مشكوك فيه، حيث أصبح أطول رهين محتجز في التاريخ الأمريكي، وصادف التاسع من مارس الذكرى السنوية الثانية عشرة لاختفائه.
أدوار متشابكة
ضابط الاستخبارات الأمريكي بوب كينت، أحدث حلقة في سلسلة من اللاعبين غير المحتملين في البحث عن الرهينة المفقودة، بما في ذلك قاتل إيراني في وقت سابق، ومحقق متقاعد مع وكالة المخابرات المركزية، وعميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومدع فيدرالي سابق، وسائق شاحنة في فيلادلفيا، وروسي، جميعهم غرباء أو عملاء سابقون.
قال باري ماير، مؤلف كتاب «رجل مفقود 2016.. الجاسوس الأمريكي» «لسنوات، كان هناك عرض ثابت للأشخاص ذوي النوايا الحسنة والمجانين وحتى الفاسدين الذين حاولوا مساعدة عائلة ليفنسون أو حاولوا استخدام حالة بوب لمساعدة أنفسهم».
مهمة كينت
باءت مهمة الاستخباراتي كينت، مثل كل الجهود الخاصة الأخرى لتحديد مكان ليفنسون بالفشل، ليس بسبب نقص الموارد أو الرجال أو المال، فقد عرض مبلغ 100 ألف دولار كمساعدات إيرانية للحصول على حزمة إثبات أنه على قيد الحياة، بما في ذلك بصمات الأصابع، وعينة الدم، وحين كان كينت مستعدا للمغادرة إلى المطار قبل ثلاثة أشهر، دخلت الحكومة الفيدرالية على الطريق، رافضة إعطاء تنازلا عن عقوبات إدارة الرئيس دونالد ترمب على إيران، حيث قال «تلقيت مكالمة هاتفية تبلغني بأن التمويل تم سحبه لأن وزارة الخارجية أو مكتب التحقيقات الفيدرالي هددا بالملاحقة القضائية»، بحسب قوله لمجلة نيوزويك.
5 ملايين دولار مكافأة
الإحباط في اللحظة الأخيرة لمهمة كينت يتناسب مع نمط طويل من الإهمال الرسمي، وأحيانا تدخل صريح في الجهود الرامية إلى تحرير وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، وعلق المحامي الذي عينته العائلة لمتابعة ماكجي قائلا «إنني مستغرب ومنزعج باستمرار من فشل حكومة الولايات المتحدة، من خلال ثلاث إدارات، في إعادة روبرت ليفنسون إلى وطنه، لقد أخذ من قبل أعداء هذا البلد أثناء خدمته، ولا يوجد مبرر أخلاقي لفشلهم في القيام بما هو ضروري لإعادته إلى الوطن».
رد مكتب التحقيقات الفيدرالي بشدة «في حين أننا لا نستطيع مناقشة كيفية تعاملنا مع تحقيقات معينة، على مدار السنوات الـ12 الماضية، عمل مكتب التحقيقات الفيدرالي باجتهاد لمتابعة كل مقدمات موثوق بها لتحديد مكان وجود بوب ليفنسون وسيواصل القيام بذلك، أمضى بوب 22 عاما في العمل كعميل خاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومع احتفالنا بالذكرى السنوية لاختفائه، فإن عزمنا على العثور عليه يزيد أكثر»، وفي الوقت نفسه، نشر المكتب مكافأة قدرها 5 ملايين دولار مقابل أي «معلومات يمكن أن تؤدي إلى العودة الآمنة لبوب ليفنسون».
جمع المعلومات
يقول كينت الذي كان يجمع معلومات استخباراتية عن التهديد للعملاء من الشركات في الشرق الأوسط لسنوات عدة منذ إطلاقه في سلاح الجو عام 2007، «صادفت قضية ليفنسون في أبريل الماضي، عندما كنت أتايع تحركات الناشطين الإيرانيين، ولا سيما سيف العدل، وهو من مواليد مصر وعلى لائحة الإرهابيين المطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي، والذي يشتبه في أنه يعمل لحساب الحرس الثوري الإيراني، تواصلت مع عملاء مكتب مكافحة الإرهاب لكنهم كانوا متشككين بشأن مصادر المعلومات».
التقى كينت بالمحامي ماكجي في مكتب التحقيقات الفيدرالي واستشعر مزاجا جديدا أكثر تعاونا، لقد خرج من منصبه ليعتقد أن مكتب التحقيقات الفيدرالي سيساعد في تمويل الدفعة التي تبلغ قيمتها 100 ألف دولار، بعد أن قام بفحص المعلومات المتوفرة، ففي اجتماع مبكر في فبراير، كان كينت وماكجي مع عدد من المسؤولين في وزارة الخارجية، أخبرهم المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن روبرت أوبراين، أنه إذا قام OFAC بتصفية الصفقة وسمحت لهم وزارة الدفاع، قد تتمكن قيادة العمليات الخاصة من المساعدة في مهمة ليفنسون، وسرعان ما حصل ماكجي على اجتماع شخصي مع مسؤول العقوبات في وزارة الخزانة لمتابعة قضية التنازل. لكن في اللحظة الأخيرة، ألغت الوزارة موعد 8 فبراير.
تحديد موقع ليفنسون
في هذه الأثناء، كانت مجموعة خاصة تقترب من تحديد موقع ليفنسون، وأثارت هذه المجموعة طابعا غير متوقع، يقول والتون مارتن، وهو سائق شاحنة في منطقة فيلادلفيا وضابط سابق في البحرية، لمجلة نيوزويك إنه أصبح مهووسا بإيران خلال أزمة الرهائن في 1979- 1981، حيث اقتحم الطلاب ذوو العقلية الثورية في طهران السفارة الأمريكية وأسروا 52 من الدبلوماسيين والمواطنين الأمريكيين، وفي نهاية المطاف، أطلق مشروعا شخصيا لمساعدة الهاربين واللاجئين الإيرانيين في تركيا، حيث عمل عن كثب مع المفوض السامي للأمم المتحدة لمكتب اللاجئين في العاصمة أنقرة.
حرص كينت على الحصول على ممولين ومساعدين، فوجد جوزيف أوبرين، عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي قاد التحقيق الذي أجراه المكتب في الثمانينات من القرن الماضي إلى بول كاستيلانو، رئيس عائلة الجريمة في غامبينو، كان قد اعتبر ليفنسون مستشارا عندما عملوا معا في نيويورك، وفي عام 2016، عرض أوبراين وزميل آخر من مكتب التحقيقات الفيدرالي مساعدة المكتب في قضية ليفنسون مع اتصالاتهم مع الإيرانيين في المنفى، لكنهم رفضوا.
أدلة وهيئة محلفين
بدأ مارتن وأوبريان العمل معا والحصول على تقاريرهما الخاصة من داخل إيران على مكان وجود ليفنسون المزعوم، وعروض أدلة إثبات الحياة، ولكن كما هو الحال مع مكاجي وكينت مقابل ثمن، وطلبت الحكومة معرفة ما لديهم وكيف حصلوا عليه، وعارض مارتن الحذر من معالجة مكتب التحقيقات الاتحادي للحالة.
في 22 فبراير 2018، استدعاه تيجبال تشاولا، محام مساعد للولايات المتحدة في مقاطعة كولومبيا، مطالبا بمثوله أمام هيئة محلفين كبرى مع «جميع الرسائل والمراسلات والتقارير المتعلقة» بمكان «ليفنسون» وحالته ومكانه، وفي اجتماع متوتر مع مسؤولي وزارة العدل، سلم مارتن معلوماته.
ويقول أوبراين إنه سلم في وقت لاحق مجموعات من تقاريره الإيرانية إلى مكاتب وزير الدولة مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جون بولتون، ولم يحصلا على أي رد، لكن مكتب التحقيقات الفيدرالي أخبر مارتن فيما بعد أنه «متشكك» بشأن صحة مصادره وتقاريره الإيرانية.
تفاصيل مثيرة
استمر أوبراين بمشاركة مارتن، في تطوير مصادره في إيران، وانضم إليهما خبير متقاعد في واشنطن، محقق عمل في قضايا مكافحة الإرهاب مع وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب عمله الحكومي المستمر، ظهرت تفاصيل مثيرة وأخبر مجلة نيوزويك أنه في ربيع 2018 التقى مع أبوالفضل بهرام ناهايديان، وهو إمام راديكالي من ولاية فرجينيا مقربا من إيران، وقال إن اتصالهما قد يوفر خلفية حول ليفنسون.
من بين اتصالات الإمام، ظهر المحقق ديفيد بيلفيلد، وهو أمريكي من أصل أفريقي اعتنق الإسلام، أخذ اسم صلاح الدين عام 1980 عندما شارك في اغتيال ناشط مناهض للنظام في بوتوماك بولاية ماريلاند، وبعد عقود في إيران، عرض نفسه على الصحفيين وغيرهم كمصدر للمعلومات والتحايل على النظام.
كان صلاح الدين هو الذي طار مع ليفنسون إلى جزيرة كيش للاجتماع في مارس 2007، لمناقشة غسل الأموال الإيراني رفيع المستوى في الخارج، واتصلت به زوجة ليفنسون، كريستين، بعد اختفائه، لكن الإمام زعم أنه ليس لديه معرفة محددة بعلاقة ليفنسون وأحال الأمر إلى سفارة باكستان التي تتولى شؤون إيران في واشنطن العاصمة.
أصر صلاح الدين أنه لا علاقة له باختفاء زوجها، وقام عملاء إيرانيون بإيقاعه في الفندق عندما التقوه، وقال إنه نفسه عانى من علاقتهما، حيث رفضت السلطات منحه جواز سفر جديدا أو وثائق سفر داخلية.
صرخات الزوجة
تشعر كريستين زوجة ليفنسون أن الحكومة خذلتها، قالت للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والإرهاب الدولي «مرارا وتكرارا، فإن بوب تخلف عن الركب، أو تم تهجيره أو نسيانه»، وأضافت «زوجي خدم هذا البلد بلا كلل لعقود، يستحق الأفضل منا جميعا ومن حكومتنا، يحتاج سعينا اللامتناهي لإحضاره إلى الوطن، للقتال ليلا ونهارا ولا يدخر جهدا».
رفعت العائلة دعوى قضائية ضد إيران عام 2017 بسبب اختفاء روبرت ليفنسون، واستمرت في الدعوة لإطلاق سراحه، أدلت زوجته كريستين بشهادتها أمام لجنة في مجلس النواب، وأعربت عن إحباطها من الجهود المبذولة لإعادة زوجها، وقالت للمشرعين «أمل عائلتي في لم الشمل مع بوب لا تزال مجرد أحلام، لكن حتى الآن، قوبلت نداءاتنا ببعض الإجراءات».
تطلعات الابن
وعلق نجل العميل السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه «متفائل» بأن الضغط المتزايد لإدارة ترمب على إيران سيساعد في تسهيل عودة والده، وقال دان ليفنسون لقناة باك سيكستون وكريستل بول «لقد أسقطت الحكومة الكرة، ولم يعالجوا الموقف بسرعة، ولم يتعاملوا مع إيران بحزم، نعتقد أن هناك فرصة ضائعة كبيرة أدت بنا إلى هذه النقطة، لكننا نأمل أن تتمكن إدارة ترمب في معالجة الأمر، وممارسة كل أنواع الضغط على إيران والتأكيد من أنه لم ينس».
وأشاد دان بموقف الرئيس ترمب المتشدد من إيران، وبالانسحاب من الصفقة النووية، وفرض عقوبات اقتصادية مستهدفة نفطها وبنوكها ومؤسساتها، وقال «حقيقة أنهم أعادوا العقوبات، ومن المأمول أن يعود الإيرانيون إلى طاولة المفاوضات»، وأضاف «من الصعب للغاية التعامل مع إيران، كانت هناك ثلاث إدارات، بدأت عام 2007، ونشعر أنه لم تبذل جهودا كافية لإعادته إلى وطنه خلال هذه السنوات».
قانون ليفنسون
تحول اسم الرهينة المختفي إلى قانون جديد، بعدما قدم النائب تيد ديوتش والسناتور بوب مينينديز وماركو روبيو، في الأيام الماضية ما يسمى بقانون «روبرت ليفنسون لاستعادة الرهائن»، بهدف تحسين الجهود لإعادة الأمريكيين المحتجزين بصورة غير قانونية، وقال دان ليفنسون لـتلفزيون ذا هيل «أشعر بالارتياح إزاء الإلحاح المتجدد لمثل هذه الجهود، أسرتنا لم تتخل عن الأمل»، وأضاف «سمع الناس أنه محتجز في مكان ما، لكن هذا أمر مشجع دائما لأننا نعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة، وأنه محتجز من قبل الحكومة الإيرانية، لذلك سنواصل الضغط حتى نعيده إلى المنزل».
من هو روبرت ليفنسون؟
- ضابط سابق في مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي
- ولد عام 1948
- تقاعد في 1998 وأصبح محققا خاصا
- اختفى أثناء زيارة إلى جزيرة إيرانية عام 2007
- عرض مكتب الإف بي أي مكافأة مالية قدرها مليون دولار ورفعت إلى 5 ملايين مقابل الإدلاء بمعلومات عنه
- مسؤولون أمريكيون طلبوا من إيران المساعدة فى إيجاده بعد توقيع الاتفاق النووى عام 2015
- فى 2016 أطلقت التحقيقات الفيدرالية صفحة على فيس بوك بالفارسية لمناشدة الإيرانيين إعادته
- قال البيت الأبيض إنه من المحتمل أن يكون موجودا في جنوب غرب آسيا أو باكستان
- أعاد وزير الخارجية بومبيو قصته للظهور الإعلامي بعد مطالبة إيران بإطلاق سراحه