عبدالله الأعرج

لعل «God» أن تكون البداية!

الاحد - 10 مارس 2019

Sun - 10 Mar 2019

قبل أيام تفضل مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل بالتوجيه بألا يتم استخدام كلمة God في المكاتبات وأن تستبدل بلفظ الجلالة ALLAAH مستندا في ذلك إلى ما أشار إليه سماحة المفتي لحمل هذه اللفظة لمدلولات محرمة.

ولأن الفيصل ذو حس لغوي بطبيعته فهو ناظم للكلمة - كما نعلم - ومتحدث مقتدر فليس من الغريب وقوفه عند بعض المفردات والتدقيق في مدلولاتها لكي تقابل الشكل والمعنى والاستخدام الذي أتت من أجله.

ولعل البدء بمراجعة مدلولات الكلمات من قبل سموه الكريم يفتح بابا مهما في الجانب اللغوي الكتابي لأداء الأجهزة الحكومية بالمنطقة ويؤسس لمراجعة شاملة يتم من خلالها التأكد من استخدام المفردات المناسبة والمكاتبات الصحيحة في قطاعات العمل الحكومي والخاص بالمنطقة.

ولكي أتحدث بشكل عملي فقد تكون الاقتراحات التالية محل نظر ونقاط نقاش لما بعد توجيه سموه منطلقا من تخصصي في اللغة الإنجليزية وعشقي قبلها للعربية، وأجملها فيما يلي:

1 - ألا تكون هنالك أخطاء لغوية إملائية (بشكل خاص) في لوحات الأجهزة الحكومية بالمنطقة، سواء ما كتب منها باللغة العربية منفردة أو ما أتبع بترجمته باللغة الإنجليزية أو غيرها. وهذا الأمر غاية في الأهمية، حيث إنه من غير المقبول أن تحتوي لوحة تمثل جهازا من أجهزة الدولة على خطأ لغوي فتترك انطباعا غير محبذ لدى القارئ أيا كان.

2 - ربما يكون هنالك توحيد لشكل اللوحات الخاصة بالقطاعات الحكومية بالمنطقة بحيث تقولب الكتابة وفق الآلية المنظمة وتتبع بالترجمة الدقيقة، وأن تشتمل كل لوحة لكل قطاع حكومي في أسفلها على لغة العصر ألا وهي (وسائل التواصل الحديثة) وليست الاتصالية ليسهل الوصول إليها من كافة المستفيدين.

3 - قد يكون من المجدي جدا أن تتكاتف أجهزة التعليم بالمنطقة سواء الجامعات أو إدارات التعليم لعقد دورات لغوية لموظفي الدولة بالمنطقة وللمجتمع على غرار الدورات الفنية والتطويرية الإدارية بحيث يكون هدفها تحسين الإملاء وتجويد الخط ومراجعة مدلولات واستخدام الكلمات بدقة كتابة وتحدثا.

4 - وقد يكون من المناسب أيضا حصر المفردات التي يوجد عليها تحفظ من أي نوع (ديني، اجتماعي، ثقافي، دولي، نظامي .. الخ) لتكون محل رصد وتدقيق يتلوه تعميم على القطاعات المختلفة للانتباه لها مستقبلا وعدم إدراجها في أي نوع من أنواع التواصل الرسمي.

5 - من المهم أيضا بتقديري أن تكون كافة قيادات العمل الحكومي على قدر متقدم من الإتقان اللغوي المكتوب والمنطوق وقد لا أبالغ إذا اقترحت أن يضاف عنصر (التمكن اللغوي) كمعيار من معايير الترشح للمناصب الحكومية القيادية، ذلك أن المسؤول المتمكن لغويا - برأيي الشخصي - أقدر على إيصال المطلوب وأدق في استهداف المعنى، وربما كان سببا مباشرا لدقة زملائه اللغوية التحريرية في العمل، مما يفضي لمنتج كتابي سليم يوصل المعنى المراد دون عناء.

6 - ولأن اللغة الإنجليزية ما زالت تمثل لغة العصر فإن الإلمام بها من قيادات العمل مهم جدا بحيث يكون المسؤول على دراية بما يقع تحت دائرة مكاتباته ولكي يطلع على مستجدات العصر تقنيا وسياسيا وصحيا واجتماعيا ويوظف كل هذه المعرفة إيجابيا في عمله كتابة ومراجعة وتدقيقا واستفادة.

7 - وأخيرا، فإن استحداث فرع وجائزة للتميز اللغوي للقطاعات الحكومية من خلال المبادرة الرائعة لملتقى مكة الثقافي ومبادرة الفيصل «كيف نكون قدوة ؟» من شأنه أن يحدث حراكا لغويا لا تكاد تنطفئ شعلته ويشعل فتيل المنافسة في الرقي اللغوي والأفكار الخلاقة في هذا الجانب

أختم بالتذكير بما استهللت به أن سمو أمير منطقة مكة بهذا التوجيه الملهم أدار البوصلة باتجاه حراك مثمر جديد وفاعل وغاية في الأهمية، ولعل كلمة God أن تكون الاستهلال النوعي وصافرة الانطلاق نحو المزيد من التميز والإبداع في العمل المؤسسي بالمنطقة.

dralaaraj@