عبدالله العولقي

الدبلوماسية السعودية في ظل الرؤية الوطنية

السبت - 09 مارس 2019

Sat - 09 Mar 2019

لا شك أن النقلة النوعية التي أحدثتها الرؤية الوطنية في نمطية الدبلوماسية السعودية الحديثة قد اختطفت إعجاب جهابذة السياسة ومحللي الاقتصاد والتي شهدت مؤخرا تطورات عبقرية منحتها أبعادا فسيحة وفضاءات واسعة في عوالم السياسة المتغيرة،، ففي ظلال الرؤية الوطنية والتي تهدف إلى نقل المملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة في العالم الأول سنتحدث في هذا المقال وبإيجاز عن بعض المتغيرات النوعية التي شهدتها الدبلوماسية السعودية مؤخرا وبما يتلاءم مع الثقل السياسي للرياض ومكانتها في المنطقة.

إن الانبهار الذي أوقعه سمو ولي العهد في نفوس السياسيين والاقتصاديين أثناء زيارته التاريخية إلى الصين والهند وباكستان كتوجه عبقري يضفي منهجية التنوع والتوسع على مسارات الدبلوماسية الحديثة، فإن كانت المملكة قد ارتبطت تاريخيا بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والغرب عموما فإن واقع اليوم يحتم على الرياض أن تتوجه أيضا نحو آفاق الشرق المتنامي كضمان حيوي لمنهجية الاتزان السياسي والحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

كما شهدنا إضافة نوعية أخرى تتمثل في تعيين سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في واشنطن، كأول امرأة تتبوأ منصبا قياديا في تاريخ الدبلوماسية السعودية، وقد جاء اختيارها تبعا لما أبدته سموها من الفطنة السياسية والحنكة الدبلوماسية لا سيما أنها تربت في بيت السياسية السعودية، فوالدها يمتلك سجلا عبقريا في الدبلوماسية السعودية، حيث تبوأ منصب سفير المملكة في واشنطن لمدة ربع قرن من الزمان، وخالها هو الأمير سعود الفيصل، أحد أعظم وزراء خارجية العالم في العصر الحديث.

كما تتميز الدبلوماسية السعودية عبر تاريخها الزاهر بكونها بناءة وصادقة، ففي لبنان مثلا، اتخذت السفارة السعودية في بيروت منهجية الاستدامة وركزت في تعاملها على تنمية المواطن اللبناني وإعانته في شؤون حياته بغض النظر عن هويته الدينية أو انتمائه الطائفي، وما قدمته السفارة السعودية عبر برنامج (جسور) والذي يهدف إلى التواصل مع كل المناطق والمدن اللبنانية، وذلك على نقيض ما يشهده اللبنانيون في وطنهم من تسلط الدبلوماسية الإيرانية على رقابهم والتي تنهش في نسيجهم الاجتماعي وتعطل مصالح حكوماتهم المتعاقبة لصالح فرض أجندتها التوسعية والتخريبية عبر تمكين ذراعها الإرهابي حزب الله ودعمه اللا محدود لتدمير لبنان.

وفي عالم اليوم، بدأت القوة الناعمة كمسار تنافسي محتد بين الدول والحكومات الدولية، وقد حققت المملكة بفضل اهتمامها بمزايا القوة الناعمة التي تتمتع بها مكاسب دبلوماسية مهمة، فتعد القوة الناعمة ضرورة دبلوماسية مهمة في تأمين السياسة الخارجية وتطويع الحلفاء الاستراتيجيين بينما تأتي الحذاقة الدبلوماسية ومهارتها في السياسة الخارجية كأهم عناصر القوة الناعمة،فالمملكة تمتلك موقعا جغرافيا مهما يشكل طريقا رئيسا للتجارة الدولية يربط الشرق بالغرب، إلى غير ذلك من العوامل المتنوعة والتي تمثل القوة الناعمة للمملكة وتشكلها عبر الرؤية الوطنية كمنظومة متكاملة من المشاريع الحيوية التي ما زال عطاؤها يتدفق على مملكة الإنسانية.

وأخيرا، فإن الدبلوماسية السعودية تشهد اليوم تغيرا نوعيا مهما في آليتها ومنهجيتها عبر الرؤية الوطنية 2030، مما يمنحها بعدا استراتيجيا في السياسة الدولية، ولعل التوسط الذي قامت به الرياض بين دلهي وإسلام أباد لإنهاء الأزمة التاريخية بينهما يؤكد أن سياسة المملكة العربية السعودية وعبر تاريخها العظيم تترسخ على مبادئ السلام والعدالة وتأصيل ثقافة الإصلاح بين الشعوب، وهذا ما يعزز ريادتها في المنطقة ويؤكد مكانتها التاريخية بين دول العالم.

[email protected]