عضو هيئة التدريس أساس تميز الجامعة!
الثلاثاء - 05 مارس 2019
Tue - 05 Mar 2019
تصنيف QS لجامعات العالم، تجريه شركة (كواكواريلي سيموندس) البريطانية المتخصصة في التعليم، في تقريرها الأخير 2019 تفوقت أربع جامعات سعودية فقط على مراكزها السابقة عربيا وعالميا، وتراجعت جامعات أخرى، وجاءت جامعات خارج التصنيف عربيا وعالميا، فعلى أن كل الجامعات تتخذ رؤية 2030 شعارا إلا أنها خالفت توقعات الرؤية وتراجعت عما قبلها.
الجامعات الناشئة تحتاج إلى رؤية كي تلحق بالركب الأكاديمي، فإن خدمت العراقة الجامعات القديمة فهذا لا يعني أن تنتظر الجامعات الناشئة زمنا طويلا حتى تحرز مركزا متقدما، ولا يعني كذلك أن ترصد متطلبات التقييمات وتكلف اللجان لتحقيق الدرجات في معاييرها بأقصر السبل، بل يجب أن تسعى لتأصيل تلك المعايير وأكثر منها في صلب منظومتها الأكاديمية.
ألاحظ تحرك بعض الجامعات نحو عقد الشراكات مع جامعات عالمية، والاهتمام بورقيات (الجودة) والاعتماد الأكاديمي التي تتكاثر عاما بعد آخر، والعناية بشكليات كثيرة جلها فلاشات إعلامية، لكنها تغفل عن ركيزة التميز الأكاديمي (الأستاذ الجامعي)، وهذا تماما ما سار عليه (التعليم العام) قبل سنوات، فتنقل بين التجارب العالمية، الأسترالية، والسنغافورية، والماليزية، والفنلندية، واليابانية وغيرها، وملؤوا الدنيا بالأوراق والتعاميم والنماذج التي يدور بها المشرفون من مدرسة إلى أخرى، والمحصلة أن التعليم ظل كما هو لم تحركه التجارب ولا الأوراق، والأمر ببساطة أن وزارة التعليم غفلت عن (المعلم) ولم تلتفت إليه إلا مؤخرا، وآمل أن تطول الالتفاتة وتتعمق.
الجودة الحقيقية تبدأ من اختيار الأستاذ الجامعي المؤهل تأهيلا عاليا، واستقطاب الكفاءات الأكاديمية المميزة علميا وبحثيا، أما استمرار الجامعات في برامج التعاقدات مع أعضاء بعضهم لم يمر بالتجربة الأكاديمية أصلا، والاستعجال في ملء فراغ (الجدول التدريسي)، والبحث عن متعاقدين يقبلون الأجور المنخفضة، كل ذلك لن يصنع فرقا مأمولا، ولن تتميز الجامعة التي تستقطب (مدرسين) فقط، فبعضهم جل همه الاستفادة من مدة العقد، والبحث عن كل سبيل يزيد الدخل الشهري، سواء في الاسترزاق من كتابة البحوث، أو التعليم الخصوصي، أو تحمل أعباء البرامج واللجان المتكاثرة جدا، وقد يصل الحال ببعضهم إلى مجاملة الطالب أو أبعد من ذلك.
لن تتميز الجامعات إلا بإدارات واعية، تخلع بشت المنصب والتفرد بالقرار، وتولي عنايتها بأعضاء هيئة التدريس المواطنين، وتشعرهم بالشراكة الحقيقية في قيادة الجامعة نحو التميز، ثم سد فراغ العجز الأكاديمي باستقطاب القامات العلمية المميزة، المثرية بحثا وتدريسا وخدمة مجتمع، وهذا النوع من الأساتذة تتشبث بهم جامعاتهم الأصلية، وإن قبل التعاقد، فإن التعامل الإداري (الفوقي) يجعله يصرف النظر عن التجديد لأعوام لاحقة، خاصة حين تهدر طاقته في تدريس المواد العامة، أو في أعباء اللجان، فيعود إلى منزله منهكا، لا وقت لبحث أو مبادرة علمية أو اجتماعية أو غيرها.
أما من جهة البحث العلمي فمن الأخبار الفاجعة بحسب الكاتب علاء الملا في صحيفة مال الالكترونية تحت عنوان (لغز عودة 6 مليارات إلى خزينة الدولة) مفاده بأن 5.9 مليارات ريال عادت إلى خزينة الدولة لأن الجامعات ومراكز البحث لم تصرف منها إلا 155 مليون ريال على البحث العلمي خلال السنة، فأي تميز تبحث عنه الجامعات وهي لا تولي البحث العلمي عناية حقيقية، وفوق ذلك تغالي في فرض الاشتراطات والقيود والمعاملات البيروقراطية، فما المبرر الذي يجعل بعض الجامعات تمنع دعم الباحث المنفرد، وتجبره أن يشكل فريقا بحثيا، وكأننا قد بلغنا مراتب بحثية عليا تشبع فيها البحث المنفرد ولا مكان إلا للجماعات البحثية؟ وماذا يمنع جامعاتنا من تنقية البيئة الأكاديمية من المنغصات، وخلق بيئات بحثية داخل الجامعة، يتلاقى فيها الباحثون وتتماس أفكارهم؟ وتلك لا تتأتى إلا بعقد الجلسات البحثية والملتقيات والمؤتمرات، فالأفكار تحركها الأفكار، ومعظم عمادات البحث مجرد إدارات جامدة، لا تقترح ولا ترشح، وإن اهتمت بالجانب التطبيقي غفلت عن الإنساني والعكس بالعكس.
لا بد أن تفكر جامعاتنا خارج الصندوق، وأن تضع في حسبانها أهدافا أعلى من معايير التقييم العالمي، وأن تخلق منافسات إيجابية بين أعضاء هيئة التدريس، ثم بين الأقسام ثم بين الكليات، ثم أن تكون لوزارة التعليم ذاتها قائمة تصنيف للجامعات السعودية المتميزة، وأن يكون أس المفاضلة مرتكزا على عضو هيئة التدريس والأداء الأكاديمي والبحثي ومخرجات الجامعة، هذا إن أردنا المنافسة عالميا.
الجامعات الناشئة تحتاج إلى رؤية كي تلحق بالركب الأكاديمي، فإن خدمت العراقة الجامعات القديمة فهذا لا يعني أن تنتظر الجامعات الناشئة زمنا طويلا حتى تحرز مركزا متقدما، ولا يعني كذلك أن ترصد متطلبات التقييمات وتكلف اللجان لتحقيق الدرجات في معاييرها بأقصر السبل، بل يجب أن تسعى لتأصيل تلك المعايير وأكثر منها في صلب منظومتها الأكاديمية.
ألاحظ تحرك بعض الجامعات نحو عقد الشراكات مع جامعات عالمية، والاهتمام بورقيات (الجودة) والاعتماد الأكاديمي التي تتكاثر عاما بعد آخر، والعناية بشكليات كثيرة جلها فلاشات إعلامية، لكنها تغفل عن ركيزة التميز الأكاديمي (الأستاذ الجامعي)، وهذا تماما ما سار عليه (التعليم العام) قبل سنوات، فتنقل بين التجارب العالمية، الأسترالية، والسنغافورية، والماليزية، والفنلندية، واليابانية وغيرها، وملؤوا الدنيا بالأوراق والتعاميم والنماذج التي يدور بها المشرفون من مدرسة إلى أخرى، والمحصلة أن التعليم ظل كما هو لم تحركه التجارب ولا الأوراق، والأمر ببساطة أن وزارة التعليم غفلت عن (المعلم) ولم تلتفت إليه إلا مؤخرا، وآمل أن تطول الالتفاتة وتتعمق.
الجودة الحقيقية تبدأ من اختيار الأستاذ الجامعي المؤهل تأهيلا عاليا، واستقطاب الكفاءات الأكاديمية المميزة علميا وبحثيا، أما استمرار الجامعات في برامج التعاقدات مع أعضاء بعضهم لم يمر بالتجربة الأكاديمية أصلا، والاستعجال في ملء فراغ (الجدول التدريسي)، والبحث عن متعاقدين يقبلون الأجور المنخفضة، كل ذلك لن يصنع فرقا مأمولا، ولن تتميز الجامعة التي تستقطب (مدرسين) فقط، فبعضهم جل همه الاستفادة من مدة العقد، والبحث عن كل سبيل يزيد الدخل الشهري، سواء في الاسترزاق من كتابة البحوث، أو التعليم الخصوصي، أو تحمل أعباء البرامج واللجان المتكاثرة جدا، وقد يصل الحال ببعضهم إلى مجاملة الطالب أو أبعد من ذلك.
لن تتميز الجامعات إلا بإدارات واعية، تخلع بشت المنصب والتفرد بالقرار، وتولي عنايتها بأعضاء هيئة التدريس المواطنين، وتشعرهم بالشراكة الحقيقية في قيادة الجامعة نحو التميز، ثم سد فراغ العجز الأكاديمي باستقطاب القامات العلمية المميزة، المثرية بحثا وتدريسا وخدمة مجتمع، وهذا النوع من الأساتذة تتشبث بهم جامعاتهم الأصلية، وإن قبل التعاقد، فإن التعامل الإداري (الفوقي) يجعله يصرف النظر عن التجديد لأعوام لاحقة، خاصة حين تهدر طاقته في تدريس المواد العامة، أو في أعباء اللجان، فيعود إلى منزله منهكا، لا وقت لبحث أو مبادرة علمية أو اجتماعية أو غيرها.
أما من جهة البحث العلمي فمن الأخبار الفاجعة بحسب الكاتب علاء الملا في صحيفة مال الالكترونية تحت عنوان (لغز عودة 6 مليارات إلى خزينة الدولة) مفاده بأن 5.9 مليارات ريال عادت إلى خزينة الدولة لأن الجامعات ومراكز البحث لم تصرف منها إلا 155 مليون ريال على البحث العلمي خلال السنة، فأي تميز تبحث عنه الجامعات وهي لا تولي البحث العلمي عناية حقيقية، وفوق ذلك تغالي في فرض الاشتراطات والقيود والمعاملات البيروقراطية، فما المبرر الذي يجعل بعض الجامعات تمنع دعم الباحث المنفرد، وتجبره أن يشكل فريقا بحثيا، وكأننا قد بلغنا مراتب بحثية عليا تشبع فيها البحث المنفرد ولا مكان إلا للجماعات البحثية؟ وماذا يمنع جامعاتنا من تنقية البيئة الأكاديمية من المنغصات، وخلق بيئات بحثية داخل الجامعة، يتلاقى فيها الباحثون وتتماس أفكارهم؟ وتلك لا تتأتى إلا بعقد الجلسات البحثية والملتقيات والمؤتمرات، فالأفكار تحركها الأفكار، ومعظم عمادات البحث مجرد إدارات جامدة، لا تقترح ولا ترشح، وإن اهتمت بالجانب التطبيقي غفلت عن الإنساني والعكس بالعكس.
لا بد أن تفكر جامعاتنا خارج الصندوق، وأن تضع في حسبانها أهدافا أعلى من معايير التقييم العالمي، وأن تخلق منافسات إيجابية بين أعضاء هيئة التدريس، ثم بين الأقسام ثم بين الكليات، ثم أن تكون لوزارة التعليم ذاتها قائمة تصنيف للجامعات السعودية المتميزة، وأن يكون أس المفاضلة مرتكزا على عضو هيئة التدريس والأداء الأكاديمي والبحثي ومخرجات الجامعة، هذا إن أردنا المنافسة عالميا.