صورني وأنا مسؤول..!
الأحد - 03 مارس 2019
Sun - 03 Mar 2019
بعض الوسيمين ـ أمثالي ـ يعانون من أن صورهم أحيانا لا تظهرهم على حقيقتهم، البعض الآخر يظهرون في الصور أفضل بكثير من واقعهم.
من حسن حظي ـ وربما من حسن حظ المواطنين ـ أني لست مسؤولا، ولا علاقة لي بالأخبار لأني سأكون حينها مضطرا لنشر صوري في كل مكان وفي كل فعالية تتعلق بالجهة التي أديرها، وقد كان المسؤولون قبل اختراع الكاميرات يحاولون أن تكون أعمالهم هي التي تسوق لهم، ومن ثم يأتي الاعتماد في مرحلة لاحقة على ما تجود به قرائح الشعراء الذين كانوا يقومون بالدور الذي تقوم به تطبيقات حديثة مثل «الفوتوشوب».
المشكلة التي استعصت على أذهان بعض المسؤولين في هذا العصر هو أن التاريخ لا يتذكر إلا الإنجاز، ولذلك تجد كثيرا من الخلق لم تعرف أعمالهم الجليلة التي خلدتهم إلا بعد أن كفوا عن الوجود. فخلدوا في صفحات التاريخ رغم أنهم لم يسعوا إلى ذلك في حياتهم ولم يستجدوا مديحا ولا صورا ولا أخبارا عن إنجازات لم تحدث على أرض الواقع. أما أولئك الذين سعوا إلى المديح العاجل والفوري فإن ما قيل عنهم من مديح وثناء في حياتهم أو أثناء توليهم لمناصب فإما أنه نسي ولم يعد يذكره أحد، أو أنه يذكر على سبيل التهكم والسخرية.
في تاريخنا المعاصر سيذكر اسم غازي القصيبي كثيرا، رغم أنه لم يكن مهووسا بوضع صوره في كل زاوية من زوايا وزارته، ولم يكن لديه جوقة من الإعلاميين الذين يضعون «الخميرة» في كل فعل وعمل يقوم به ليبدو أكبر حجما وانتفاخا. ولم يكن يوزع الشرهات والعطايا على كل من يقول في حقه «كلاما» جميلا، لم يكن يرغب من يمدحه ولا يرهب من ينتقد عمله، لم تكن أخباره أكثر من أخبار الجهة التي يديرها ولا صوره في الصحف ومواقع التواصل أكثر من صور إنجازاته، كل ما كان يقوم به أنه يؤدي عمله فقط، وهذا أمر أكثر من كاف ليحبه الناس حبا حقيقيا وليذكروه بالخير أثناء عمله ويتذكروه بالثناء بعد رحيله. كان عمله وحده كافيا لأن تطبع صورته في مخيلة الناس ويتذكروا تفاصيلها أكثر مما يتذكرون صور الباحثين عن الشهرة والإثارة الذين ينثرون صورهم في كل زاوية.
وعلى أي حال..
في الغالب ـ إن لم يكن دائما ـ يكون للمبالغة نتائج سلبية، ولذلك فإني أنصح بعض المسؤولين المهووسين بنشر صورهم الشخصية مع كل خبر عن الجهات التي يديرونها، مرة وهم يبتسمون ومرة وهم يتألمون وثالثة وهم يتأملون، أن يخففوا من ذلك قليلا لأن الناس قد تفهم ـ لا سمح الله ـ أنهم يفعلون ذلك لأنهم لم يجدوا عملا حقيقيا ولا إنجازا على أرض الواقع يمكن أن تنشر صوره.
agrni@
من حسن حظي ـ وربما من حسن حظ المواطنين ـ أني لست مسؤولا، ولا علاقة لي بالأخبار لأني سأكون حينها مضطرا لنشر صوري في كل مكان وفي كل فعالية تتعلق بالجهة التي أديرها، وقد كان المسؤولون قبل اختراع الكاميرات يحاولون أن تكون أعمالهم هي التي تسوق لهم، ومن ثم يأتي الاعتماد في مرحلة لاحقة على ما تجود به قرائح الشعراء الذين كانوا يقومون بالدور الذي تقوم به تطبيقات حديثة مثل «الفوتوشوب».
المشكلة التي استعصت على أذهان بعض المسؤولين في هذا العصر هو أن التاريخ لا يتذكر إلا الإنجاز، ولذلك تجد كثيرا من الخلق لم تعرف أعمالهم الجليلة التي خلدتهم إلا بعد أن كفوا عن الوجود. فخلدوا في صفحات التاريخ رغم أنهم لم يسعوا إلى ذلك في حياتهم ولم يستجدوا مديحا ولا صورا ولا أخبارا عن إنجازات لم تحدث على أرض الواقع. أما أولئك الذين سعوا إلى المديح العاجل والفوري فإن ما قيل عنهم من مديح وثناء في حياتهم أو أثناء توليهم لمناصب فإما أنه نسي ولم يعد يذكره أحد، أو أنه يذكر على سبيل التهكم والسخرية.
في تاريخنا المعاصر سيذكر اسم غازي القصيبي كثيرا، رغم أنه لم يكن مهووسا بوضع صوره في كل زاوية من زوايا وزارته، ولم يكن لديه جوقة من الإعلاميين الذين يضعون «الخميرة» في كل فعل وعمل يقوم به ليبدو أكبر حجما وانتفاخا. ولم يكن يوزع الشرهات والعطايا على كل من يقول في حقه «كلاما» جميلا، لم يكن يرغب من يمدحه ولا يرهب من ينتقد عمله، لم تكن أخباره أكثر من أخبار الجهة التي يديرها ولا صوره في الصحف ومواقع التواصل أكثر من صور إنجازاته، كل ما كان يقوم به أنه يؤدي عمله فقط، وهذا أمر أكثر من كاف ليحبه الناس حبا حقيقيا وليذكروه بالخير أثناء عمله ويتذكروه بالثناء بعد رحيله. كان عمله وحده كافيا لأن تطبع صورته في مخيلة الناس ويتذكروا تفاصيلها أكثر مما يتذكرون صور الباحثين عن الشهرة والإثارة الذين ينثرون صورهم في كل زاوية.
وعلى أي حال..
في الغالب ـ إن لم يكن دائما ـ يكون للمبالغة نتائج سلبية، ولذلك فإني أنصح بعض المسؤولين المهووسين بنشر صورهم الشخصية مع كل خبر عن الجهات التي يديرونها، مرة وهم يبتسمون ومرة وهم يتألمون وثالثة وهم يتأملون، أن يخففوا من ذلك قليلا لأن الناس قد تفهم ـ لا سمح الله ـ أنهم يفعلون ذلك لأنهم لم يجدوا عملا حقيقيا ولا إنجازا على أرض الواقع يمكن أن تنشر صوره.
agrni@