عبدالله العولقي

التنمر السياسي في لبنان

السبت - 02 مارس 2019

Sat - 02 Mar 2019

شرع مصطلح التنمر السياسي يبرز بقوة في الحالة السياسية اللبنانية، ولعل الكل بات يدرك يقينا أن المصطلح يعبر عن حالة استدعاء وصفي لما يقوم به حزب الله من استعراض العضل العسكري وفرض الأجندة الأجنبية على الداخل اللبناني، وما يقترفه من تسلط على رقاب اللبنانيين بتحكمه الجائر بقرار السيادة وتعطيل المصلحة العامة وتجييرها لحساب طموحاته العبثية ومغامراته العنجهية!

وفي هذا المقال سنستعرض بعض أنماط التنمر السياسي في منهجية حزب الله التي يفرضها على الساحة اللبنانية وعلى قواها السياسية المتعددة في العاصمة بيروت التي أوصلها إلى ما هي عليه اليوم من مؤشر الفساد المتنامي إلى تراكم الأزمات الاقتصادية، وخنق المجتمع اللبناني، إلى إفشال تشكيل صيغ الحكومات المتعددة وتهجير المواطنين إلى خارج الجغرافيا اللبنانية عبر سياسة المضايقة والتهديد.

إن من أنماط تنمره السياسي أنه يقف حجر عثرة أمام أي مشروع سلام في المنطقة حتى لو كان المشروع يتضمن صيغا لحلول عادلة للقضية العربية كإقامة الدولة الفلسطينية الحرة وعاصمتها القدس الشرقية واستعادة كامل حقوق الشعب الفلسطيني، لأن في ذلك إنهاء كاملا لمسرحيته الهزلية في المنطقة وعملية انقطاع تام لعمليات استرزاقه المفضوحة عندما يتاجر بملفات القضية الفلسطينية ويشرعن وجود ميليشياته التخريبية في الجنوب اللبناني كمقاومة عبثية ضد الكيان الصهيوني.

ومن أنماط تنمره السياسي أيضا أنه ضد الدولة المدنية المتحضرة في لبنان، لأن في ذلك إحياء وإنماء للوطنية اللبنانية كثقافة توحيدية لأطياف المجتمع اللبناني، وبذلك تتعطل تبعيته العمياء لأسياده في طهران، ويتوقف بذلك مشروع التغلغل الصفوي في المنطقة، ولذا فمشروعه الثوري في بيروت يتمنهج حول تمكين الوهن والضعف في مفاصل الدولة والحكومة عبر تعطيل كل المشاريع التنموية على الخارطة اللبنانية، وما تعطيله المستمر لتشكل الحكومات المتعاقبة إلا برهان على قطيعته الجلية مع آفاق الحضارة ووعي التنمية.

من صور التنمر السياسي لهذا الحزب الإرهابي أيضا أنه ضد الدولة اللبنانية القوية، لأنه ببساطة يريد أن يختزل بيروت كأداة عبثية أو ورقة سياسية بيد الحرس الثوري الإيراني الإرهابي الذي حول العواصم العربية التي سقطت بين يديه إلى بؤر إرهابية تحتقن بلهيب الطائفية المقيتة وسعير العنصرية النتنة، وتتقاتل فيما بينها حتى أضحت في غاية الوهن الأمني والارتداد الحضاري، كحال بغداد ودمشق وصنعاء، وما بيروت عنها ببعيد، وبهذه الصورة المتدنية للحواضر العربية تمكن الملالي - مع الأسف الشديد - من السيطرة على منابع القرار السيادي الوطني، ولهذا فكل قرارات حزب الله في بيروت تتمنهج حول إبقاء المجتمع اللبناني في دوامة العجز الاقتصادي والانفلات الأمني.

أخيرا، هذه بعض صور التنمر السياسي لحزب الله اللبناني في بيروت، فهذا الحزب يتعامل بذهنية الوصاية على اللبنانيين ويتحدث بلغة الوطنية في خطاباته، ويعزف بنغمة خطف مشاعر الجماهير المغلوبة على أمرها، بينما هو في حقيقته غير مبال تماما بمستقبل بيروت السياسي لأنه يتنمر على كل الحلول التي تخرج اللبنانيين من عنق أزمتهم، ولكنه اليوم يعاني من أزمة اقتصادية طاحنة قد تودي به إلى مآل الانهيار والتلاشي الحتمي عن الوجود، لأن أسياده الملالي في طهران عاجزون عن تمويل حكومتهم وتصريف شؤونها في الداخل فضلا عن تمويل أذنابهم في الخارج.

[email protected]