فواز عزيز

شجاعة الأمين وراية الاستسلام

السبت - 02 مارس 2019

Sat - 02 Mar 2019

كثير من أمناء المناطق ورؤساء البلديات مثل غيرهم من المسؤولين، يهربون من مواجهة الحقيقة؛لأنها قاسية عليهم وعلى المجتمع، لذلك تجدهم يجيبون عن كل سؤال بأجوبة «معلبة» صالحة للاستخدام لتشتيت تركيز أي سؤال في أي مكان من مؤسسات الدولة، ولا فرق في ذلك بين الشؤون البلدية والشؤون الإسلامية على سبيل المثال، فأجوبتهم تتشابه حتى تختلط عليك المناصب والمسميات!

داء «المشاريع المتعثرة» انتشر في كل مؤسسات الدولة «البلديات، التعليم، الصحة، الشؤون الإسلامية.. وبقية الجهات جميعا بلا استثناء»، وهذا الانتشار يثبت أمرين:

1. تمادي المقاولين والشركات في الإخلال بالعقود وارتكاب المخالفات دون خسائر حتى لو فرضت عليهم الغرامات.

2. عجز المسؤولين والإجراءات الرسمية القانونية عن إيقاف تمادي المقاولين والشركات في المخالفات والإخلال بالعقود.

داء «التعثر» في تزايد مثلما أن عقود وصفقات الشركات والمقاولين في تزايد، والسؤال: لماذا لا يفكر هؤلاء جديا في الكسب والربح بالنجاح وليس بالتعثر؟!

وعن داء «التعثر» كان حديث أمين جدة المهندس صالح التركي الصريح مؤلما ومضحكا في ذات الوقت:

• مؤلما للمواطن لأنه يرى مسؤولا يرفع راية الاستسلام أمام جيوش المخالفين من المقاولين.

• ومضحكا للمقاولين المخالفين الذين كان اتهام أمين جدة لهم علانية وأمامهم، كطرفة أزالت كآبة اللقاءات الرسمية فضحكوا جميعا وهو يتهمهم جميعا بأنهم مخالفون!

أعلن أمين جدة انهزامه أمام زملائه المقاولين - وهو يصف نفسه بأنه مثلهم مقاول - ورفع راية العجز، وطلب من المواطن أن يتولى المسؤولين بمطاردة المقاولين المتعثرين بعدما تنشر الأمانة أسماءهم ومشاريعهم المتعثرة في مجلة الأمانة.

شخصيا لا أعتقد أن معالي الأمين صالح التركي كان جادا في مسألة المطاردة، لكنها محاولة في تأكيد عجز الأمين والأمانه والغرامات والإجراءات الرقابية على إيقاف مخالفات المقاولين الذين ضحكوا حين وصفهم «الأمين» بأنهم مخالفون وأشار بإصبعه إليهم!

هنا خطرت لي فكرة يمكن اقتباسها من فكرة «الأمين» وهي نشر أسماء وصور المقاولين على مشاريعهم المتعثرة - وكأنها لوحة فشل - وبجانبهم صور المسؤولين الذين عجزوا عن أداء الرقابة عليهم بالشكل الذي يضمن عدم تعثر المشاريع والإضرار بالخدمات وهدر أموال الدولة.

كثير من المسؤولين فشلوا في الرقابة على تنفيذ المشاريع، ولا تزال الوزارات تؤكد وجود إجراءات تضمن الرقابة.

وزارة الشؤون البلدية والقروية علقت على حديث أمين محافظة جدة صالح التركي، عن تهاون بعض المقاولين في أداء مهامهم، ونوهت الوزارة «بأن أمناء المناطق والمحافظات مسؤولون بشكل مباشر عن كافة الأعمال والمشاريع البلدية التي يتم تنفيذها ضمن نطاق إشرافهم، بما يشمل المسؤولية عن مراقبة جودة وسلامة تنفيذ هذه الأعمال والمشاريع».. وللعلم هذا التصريح يندرج تحت خانة «التصريحات الصالحة لكن مكان وزمان»..!

وأكدت الوزارة في بيانها أن أمناء المناطق والمحافظات يتمتعون بصلاحيات واسعة في تعزيز الرقابة على الأعمال والمشاريع البلدية، وأشارت إلى أن المقاولين الذين يتهاونون في تنفيذ الأعمال والمشاريع التي أسندت إليهم، سيكونون تحت طائلة المحاسبة وتطبيق الجزاءات المقررة في الأنظمة والتعليمات المرعية.

وهنا كنت أتمنى لو أن الوزارة دونت في بيانها أسماء المقاولين الذي تهاونوا سابقا وكانوا «تحت طائلة المحاسبة»، لكي يصدقها المواطن ويخاف منها المقاول المخالف!

fwz14@