حنان درويش عابد

المبدعون في العالم العربي.. إلى أين؟

الاحد - 24 فبراير 2019

Sun - 24 Feb 2019

تستوقفنا جميعا العبارة الشهيرة للعالم العربي المصري أحمد زويل «الغرب ليسوا أذكى منا، ولكنهم يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل، وربما حتى يغرق في الفشل»، حيث لم تكشف سرا مخبأ بقدر ما جعلتنا نقف أمام أنفسنا للحظات ونحن نراجع حقيقة راسخة على الأرض العربية كأنها تقليد أجمع عليه العرب من مراكش حتى البحرين.

العرب لن يجدوا ما يواجهون به التاريخ وهم يغلقون - رسميين ومؤسسات ومجتمعات - الأبواب في وجه كل من أراد أن يشذ عن القاعدة التي تحيا عليها المجتمعات العربية وهي الغوص عميقا فيما يشبه التنويم المغناطيسي، حيث الأفراد تدفعهم طاقة سلبية غير مبررة للاعتماد سواء على القطاع الحكومي أو الخاص في استهلاك ما يمكن استهلاكه من الوظائف التي لا تعدو كونها في كثير من الأحيان بطالة مقنعة، حيث الإنجاز والابتكار الفردي المستقل في أدنى مستوياتهما.

وتظل معادلة الإبداع في عالمنا العربي معلقة بخيوط تتحكم في حركتها المضطربة أصلا، حيث يغيب دور كثير من الحكومات العربية والمؤسسات والأفراد بشكل يجعل التكامل بينهم مفقودا، وبأسلوب معالجة يجعل الأعمال والخطط والخطوات المأخوذة عبثا في مهب الريح، لا ينتج عنها ما يشي بأن المعادلة في طور السير على طريق جديدة صالحة لتغيير ليس فقط واقع صناعة ودعم المبدعين، ولكن حتى لتغيير مفهوم الإبداع وعلاقته بتطور المجتمعات وخروجها من دائرة هيمنة المجتمعات الصناعية عليها، وتصدرها للمشهد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي العالمي على حساب المجتمعات المستهلكة التي كثيرا ما تتعرض ثقافتها للاختطاف من قبل الأقوى.

وبينما تخطو المملكة العربية السعودية نحو عهد جديد ليس فقط على نطاق الأداء الاقتصادي، وإنما أيضا في إطار تغير مفاهيم التحديث، وارتباط العهد الجديد بما أنتجته التكنولوجيا من مستجدات أخذت أساليب وفلسفيات التطوير في اتجاه يقوم في الأساس على وضع قضية الإبداع على رأس القائمة، حين يتعلق الأمر بالخطط الرامية إلى تحقيق الرؤية الوطنية، فقد قطعت المملكة بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان أشواطا كبيرة في اتجاه تغيير نمط أداء المؤسسات الحكومية قيادات وموظفين.

ولا بد للمملكة وهي تعي حجم الأهمية التي يكتسبها الابتكار أن تؤسس لعهد جديد من البرامج التي ستخرج الخبراء القادرين على قيادة مسيرة الابتكار لعقود مقبلة.

وستظل معضلة المبدعين في العالم العربي ككل، وفي المملكة ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص ذات تكلفة عالية، وعلى دول مجلس التعاون الخليجي أن تدرك مبكرا أن تشجيع الإبداع والمبدعين يعد أمرا حيويا لاستمرار بقائها كدول، فعلى سبيل المثال تعد هذه المنطقة من العالم معرضة لأخطار بيئية تتعلق بالمياه أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، ولا بد من توجيه قدر كبير من الاستثمار في المبدعين الذين يجب توجيههم نحو التخصص في قضايا البيئة بشكل خاص، وفي مجالات التكنولوجيا الذكية بوجه عام، ولا بد من إدراك الأهمية التي يكتسبها التكامل بين العلوم في عصرنا الحديث، فالتكنولوجيا الذكية باتت محركا لا يمكن تجاهله حين تحاول الدول والمجتمعات أن تعبر بسلام فوق جسور المخاطر الكبرى التي تهدد مستقبلها ومستقبل الأجيال القادمة فيها.

إن جلد الذات لا يصل بنا إلى حيث الطموح الذي نأمل الوصول إليه على مستوى مملكتنا الحبيبة وعلى مستوى أمتنا العربية، ولا شك أن التكامل العربي في إطار الابتكار ودعم المبدعين مطلوب، فكلنا في قارب واحد، ولا بد لنا من أن نستلهم تجارب تعاون الدول فيما بينها للوصول إلى منجزات علمية، فمن تعاون دول الاتحاد الأوروبي إلى الجهود المشتركة للدول الصناعية في مجالات كالطب والفضاء وغيرهما، ندرك كعرب يوما بعد يوم أهمية التكامل العربي للخروج بمنجزات مشرفة تعود بنا مجددا إلى مسارنا التاريخي الذي طالما فخرنا به عندما قدمنا للعالم الحديث ما مكنه من الوصول إلى منجزاته اليوم، من خلال علماء عرب ومسلمين كان لهم الدور الأكبر في تطور العلوم اليوم.

hananabid10@