المعلم وما يجب أن يتحلى به من صفات

لطالما كان المعلم على مدار كل العصور الصخرة الراسخة التي على أساسها تبنى الأجيال وتنمى العقول ويؤخذ بأيدي الأمم إلى طرائق الحضارة والمعرفة، ولقد كانت الحضارة الإسلامية سباقة إلى تقدير المعلم ووضعه لدى المكانة التي يستحقها؛ فكان ثمرة هذا أن أوجد الإسلام لذاته متسعا من التاريخ، صاغ فيه نفسه كدولة قوية وحضارة راسخة امتد زمنها مئات السنين.

ونحن إذ نستمد من الحضارة الإسلامية بعضا من تقديرها للمعلم؛ ونسير على دربها نحو نهضة جديدة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله من خلال رؤية 2030، فإنه من الجيد تبيان المصطلحات والبحث في آفاقها أملا في صياغة أسس وقواعد ونموذج مثالي لما يجب أن يكون عليه المعلم، والتعرض في هذا الإطار إلى أهم الإيجابيات التي يجب أن يتحلى بها المشتغل في حقل التعليم هو شيء ضروري.

من أهم الصفات الإيجابية التي يجب أن يتحلى بها المعلم البحث في هيئة من أمامه من الطلاب والإلمام الكافي بطبيعتهم وما يجمعهم من صفات، ومن ثم اختيار الطريقة الأنسب لتقديم المعلومة لهم، فإذا كانوا يحبون شيئا معينا من الأنشطة فلا بأس من دمج هذا النشاط بالدرس المقدم، وإذا كانوا يميلون إلى الرسم والتوضيح المجسم فلا بأس من تجسيم المعلومة عبر ضرب مثال واقعي أو عبر الاستعانة بالوسائط التعليمية الحديثة.

يأتي قبل هذا الانضباط وتقدير المعلم للوقت واستغلاله له على الوجه الأمثل؛ كأحد أهم الصفات أيضا التي يجب أن يتحلى بها، فهو بهذا الانضباط والتقدير التام للوقت يضرب مثالا حيا لطلابه لما يجب أن يكون عليه في مستقبل أيامهم، كذلك يأتي إلمام المعلم لمادته العلمية وتطويره المستمر لذاته وطريقة شرحه كصفة إيجابية مهمة تحمله إلى مواكبة التطور وإدراك الفوارق الزمنية الكائنة بين الأجيال، وذلك أمر من الأهمية بمكان دونه يمكن أن تستقر بين المعلم وطلابه هوة زمنية وفكرية عميقة لا يستطيع أحد سدها.

توزيع المعلم انتباهه على الطلاب أمر مهم جدا، فليس من الجيد أبدا أن يولي اهتماما بقطاع معين من الطلاب على حساب آخر، كما أن معرفة المعلم إمكاناته وتسخيرها بالشكل الأنسب صفة إيجابية إضافية، كما تأتي الإدارة السليمة للصف الدراسي وحسن تقدير المواقف وتوزيع البسمة والضحكة وقت لزومها، والشدة في وقتها، كصفات أساسية بها ينفذ المعلم إلى حيث يتمنى بطلابه من تفوق وفهم.