سحر أبوشاهين

لستَ شابا

السبت - 16 فبراير 2019

Sat - 16 Feb 2019

شقيقتان أعرفهما، الأولى موظفة تبلغ من العمر 38 عاما، والأخرى طالبة جامعية لم تتجاوز عامها الثاني والعشرين، ومن البدهي أن يفترض الجميع أن الصغرى هي المرحة، الشقية، المنطلقة والمنفتحة على كل جديد، وأن الشقيقة الكبرى التي تقترب من نهاية عقدها الثالث أكثر هدوءا ورزانة وأقل تجاوبا أو تفاعلا مع المتغيرات والمستجدات، ولكن الحقيقة التي أعلمها هي على العكس تماما، فطريقة الصغرى في عيش حياتها تشعرك أنها مسنة، باردة، هادئة جدا، تفضل البقاء في المنزل معظم الوقت، لا يبدو أن شيء يثير اهتمامها أو يستحثها للتفاعل، تكره السفر، لديها أكثر من 15 كجم وزن زائد لا تعنيها خسارته! وذلك بخلاف شقيقتها الكبرى تماما التي تبدو- قلبا وقالبا - أصغر من عمرها الحقيقي بعشر سنوات على أقل تقدير، من جميع النواحي.

ظاهريا يبدو من السهل تحديد السن التي ينتهي فيها الشباب وتبدأ فيها الكهولة والشيخوخة، فهي لدى البعض اشتعال للشيب، وتجعد للوجه وانحناء الظهر، إلا أن الأمر في الواقع أكثر تعقيدا بقليل من بضع علامات مرئية للتقدم في العمر.

فإذا كنت عشرينيا ولكنك تعيش بلا طموح ولا رغبة في التطور والارتقاء، ترضى بعمل سهل يدر عليك دخلا لا يفي باحتياجاتك، ولا تسعى لتحسين وضعك مع قدرتك، عليه فأنت لست شابا.

حين تنظر لما يحدث من حولك على أنه متوقع، ومكرر، ليس فيه ما يبعث على التعجب والدهشة أو يستدعي إظهار الاهتمام والتفاعل، فأنت لست شابا. حين تهمل التجديد في مظهرك، وتستمر في ارتداء ذات النمط من ملابس تفي أغلب من كان يرتديها! فأنت لست شابا. حين تختار نمطا غير صحي للحياة، فيزداد وزنك دون ضابط، تتدلى بطنك وتنتفخ أوداجك حتى تحجب الرؤية عن عينيك، وتجلب لنفسك أمراض السكري، وارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول قبل أن تبلغ الأربعين فأنت بالتأكيد لست شابا.

حين تفقد حماسك وشغفك بالحياة، وتمتنع عن خوض مغامرات وتجارب جديدة، ويستعصي عليك تغيير آرائك وقناعاتك وإن ثبت لك خطؤها، فأنت لست شابا.

الشباب ليس مجرد رقم وعدد سنوات يحسب ويتناقص منذ الولادة، بقدر ما هو إحساس ينبع من الداخل وينعكس في تصرفات الإنسان وخياراته وقراراته وتوجهاته في الحياة، وبقدر عمق هذا الشعور لديه بقدر ما ينعكس ذلك على مظهره الخارجي أناقة ورشاقة ونضارة، وعلى فكره ووعيه وارتفاع سقف طموحاته وإصراره على تحقيقها مهما بلغ به العمر.

وقد لا يكون للاختلاف والتباين في الشباب الحقيقي الداخلي أثر كبير حين يكون بين أشقاء أو أصدقاء أو حتى بين آباء وأبناء، ولكنه غالبا سيكون مشكلة جدية حين يكون بين زوج وزوجه، لأنه سيؤثر على الطريقة التي يرغب بها كل منهما في عيش حياته، وهذا التباين والتناقض في طبيعتهما سينعكس قرارات وخيارات متضاربة قد تقود لمشاكل عديدة وربما تنتهي بالانفصال، كونهما يتشاركان حياة واحدة ويربيان ذات الأبناء، ويقيمان تحت سقف واحد، وبالتالي كل ما كان التقارب والتوافق أكبر كانت حياتهما أكثر سهولة وسلاسة، بأن يقدم كل طرف شيئا من التنازلات ويحدث بعض التغيير لصالح استمرار الأسرة ونجاح العلاقة.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال