حزب الله يتورط في تهريب الكوكايين

أعضاؤه نشطوا في تهريب الكوكايين وانتشروا كالخلايا السرطانية في جزيرة مارجريتا
أعضاؤه نشطوا في تهريب الكوكايين وانتشروا كالخلايا السرطانية في جزيرة مارجريتا

الجمعة - 15 فبراير 2019

Fri - 15 Feb 2019

فيما يزداد الوضع السياسي تأزما في فنزويلا بوجود رئيسين، تلعب ميليشيات «حزب الله» الإرهابية دورا قذرا في البلد المنقسم، بدعم وتمويل من إيران.

ونقلت مجلة فورين بوليسي عن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تأكيدات بأن إدارة ترمب تعتقد أن حزب الله يحافظ على خلايا نشطة في فنزويلا، وأن رائحة إيران تبدو بوضوح، حيث يتم تدريب وتمويل الحزم من قبل طهران.

اندهش بعض المحللين من تلك التصريحات، لكن التحليلات الاستراتيجية أكدت أن بومبيو محق، فقد حافظ حزب الله على وجوده في أمريكا اللاتينية، لا سيما في منطقة الحدود الثلاثية السيئة الصيت، التي يغيب فيها القانون وتتلاقى فيها الأرجنتين وباراجواي والبرازيل، كما أن للحزب موطئ قدم راسخ في فنزويلا، حيث عمل التنظيم الإرهابي منذ فترة طويلة على إنشاء بنية تحتية ضخمة لأنشطته الإجرامية بما في ذلك الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والتهريب غير المشروع، وتعد جزيرة مارجريتا، التي تقع قبالة سواحل فنزويلا ملاذا آمنا لعناصر الحزب، وفي ظل نظام الرئيس الفنزويلي السابق هوجو تشافيز، عملت الحكومة على توفير الملاذ الآمن لمؤيدي الحزب.

تهريب الكوكايين

الأكثر إثارة للجدل «وفق فورين بوليسي» اعتقاد واشنطن أن تغيير نظام مادورو سينهي علاقة فنزويلا مع حزب الله، ولكن هذا التغيير سيؤثر على طبيعة العلاقة الإشكالية لكاراكاس مع المجموعة الإرهابية، حيث يملك الحزب تاريخا طويلا وقذرا في فنزويلا، حيث نشط في تهريب الكوكايين طوال العقد الأول من القرن الماضي عبر مواطن لبناني مرتبط بحزب الله يدعى شكري حرب، وهو مهرب مخدرات ويمارس غسيل الأموال ويتنقل باسم طالبان واستخدم بنما وفنزويلا كمحاور لإرسال المخدرات من كولومبيا إلى الولايات المتحدة وغرب أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. وقد غسل عائدات تهريب الكوكايين بتحويلها إلى البيزو الكولومبي أو البوليفار الفنزويلي، حيث كان صافي أرباح حزب الله يتراوح بين 8% و14%.

رشاوى الحزب وتصدي جوايدو

لم يقاوم أمن الحدود في فنزويلا وموظفو إنفاذ القانون ـ وسط حالة التردي الاقتصادي في البلاد ـ الرشاوى التي يقدمها أعضاء حزب الله، ومع الثقة التي حظي بها خوان جوايدو كحاكم شرعي للبلاد من قبل الولايات المتحدة وعشرات الدول الأخرى، بما في ذلك فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا.. بات مصير الحزب مهددا.

من المرجح أن تكون الحكومة التي يقودها جوايدو أكثر نشاطا في معارضة وجود حزب الله على الأراضي الفنزويلية، ليس فقط من الناحية الاسمية، بل في السعي بقوة أكبر إلى تقليص الشبكة الإجرامية للجماعة، وبالتالي مواجهة نفوذ إيران، ومن المرجح أن تسعى واشنطن إلى الاعتماد على جوايدو لاتخاذ إجراءات صارمة ضد أي أنشطة مرتبطة بإيران في جميع أنحاء المنطقة.

ولكن هناك فرق كبير بين الإرادة والقدرة، ففي حين أن حكومة بقيادة جوايدو قد تظهر إرادة سياسية قوية لمواجهة حزب الله وإيران فإن فنزويلا كدولة تواجه تحديا هائلا في محاولة إعادة بناء مجتمعها الممزق، فقد لا تصبح مواجهة حزب الله ببساطة ضمن قائمة أولويات جوايدو وإدارته مثلما تتمنى الولايات المتحدة.

مواجهة فنزويلا لتهديدات الحزب

خلال أول عامين من توليه منصبه أكد الرئيس دونالد ترمب رغبته في تخليص الولايات المتحدة من التدخلات الخارجية المكلفة، ويعد هذا أحد الأسباب العديدة التي قد تجعل خطة فنزويلا التي تهدف إلى مساعدة هذا البلد في إعادة بناء مؤسساته غير مجدية، ولتحقيق النجاح، تتطلب مثل هذه الاستراتيجية التزاما طويل الأمد من جانب الأمريكيين قوات ومتعاقدين، أو خليطا من الاثنين للعمل مع السلطات الفنزويلية لمواجهة التهديد الفريد الذي يشكله حزب الله.

والتحدي الآخر هو تطوير القدرة الأساسية للأجهزة العسكرية والأمنية الفنزويلية، والتي هي بالتأكيد أقل بكثير مما كان عليه الأفراد الكولومبيون عندما بدأت القوات الأمريكية بتدريبهم لأول مرة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي.

دعم إيران وتخوف روسيا

في ظل دعم إيران لحزب الله بما يزيد عن 700 مليون دولار سنويا وفقا لبعض التقديرات، تعد فنزويلا منفذ دخول إيران إلى أمريكا اللاتينية، وهو موطئ قدم لا يرجح أن يتنازل عنه الإيرانيون بسهولة، علاوة على ذلك، تحمي روسيا مصالحها عبر دعم الرئيس نيكولاس مادورو وإبقائه في السلطة، نظرا للعلاقة الطويلة بين البلدين، فقد حذرت موسكو الولايات المتحدة من التدخل في فنزويلا عسكريا.

وبعد التعاون الوثيق في سوريا، أصبح حزب الله الآن جماعة معروفة لدى الكرملين ومنظمة يمكن للرئيس فلاديمير بوتين أن ينظر إليها على أنها أحد الأصول التي لن تعرقل الخطط الروسية لتوسيع نفوذها في نصف الكرة الغربي.

هل يستمر توغل حزب الله؟

إذا أطيح بمادورو في نهاية المطاف من السلطة، فمن المحتمل أن يكون لهذا تأثير سلبي على حزب الله في فنزويلا، إذ تمتد مخالب المجموعة إلى المستويات العليا لحكومة فنزويلا الحالية، وقد صادقت وزارة الخزانة الأمريكية على فرض عقوبات على طارق العيسمي، وزير الصناعات والإنتاج الوطني الفنزويلي، بموجب قانون تعيين الأجانب للمخدرات وبزعم أن له علاقة وثيقة مع حزب الله.

ومع ذلك، فإن حزب الله له جذور عميقة في فنزويلا، وطرده بشكل كامل غير محتمل، إن أفضل سيناريو بالنسبة لواشنطن يمكن أن يكون مكافحة حكومة جوايدو نفوذ حزب الله، وذلك إذا كانت الحكومة الجديدة مستعدة لقبول وجود أمريكي في البلاد لبدء تدريب القوات الفنزويلية على المهارات الضرورية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التي تضرب بجذور قوية في المجتمع الفنزويلي، لكن هذا السيناريو يعتمد بالطبع على قيام الولايات المتحدة بتقديم مثل هذه المساعدة في المقام الأول.