عبدالعزيز أبوهبشه

مطلوب محرر

الاحد - 10 فبراير 2019

Sun - 10 Feb 2019

تزخر صفحة الصحة في صحفنا المحلية، سواء كانت ورقية أو الكترونية، بأخبار متضاربة أو عصية على التصديق، وغالبا منقولة عن وكالات الأنباء الأجنبية بترجمة غير دقيقة يقوم بها غالبا طيب الذكر «مترجم قوقل»، ويقوم على هذه المهمة محررون جل خبرتهم في مجال الصحة لا يكاد يبلغ الحد الأدنى. فالتحرير الصحفي على المستوى الخليجي والعربي لم يشب عن الطوق، والمحررون ونظرا لشحهم وضعف الحافز المالي تجدهم في كل واد يهيمون، فمن يحرر خبرا في صفحة الفن اليوم قد يحرر غدا خبرا في صفحة السياسة، وبعدها ينشر تقريرا في صفحة الصحة. هذا الغياب للخلفية المعرفية والتأهيل بأدوات الكتابة الاحترافية في كل مجال، إضافة إلى أدوات الكتابة الصحفية ليس له ضحية سوى جمهور القراء الذين يجدون في الأخبار الصحفية المصدر الرئيس للمعلومة، في ظل حالة الفقر التي يعاني منها المحتوى العربي في مجال الصحة على الشبكة العنكبوتية.

ومع تزايد وتيرة الأخبار غير الدقيقة أو التي تجري المبالغة في ترجمتها أحيانا بحيث تتحول من كونها خبرا صحيحا إلى أسطورة لا يمكن تصديقها بين الأوساط العلمية، غير أنها تدغدغ مشاعر العامة، مما يدفعهم إلى تصديقها، الأمر الذي يجعل عملية التصحيح صعبة للغاية على المختصين، خاصة أن النفس مجبولة على تصديق ما يوافق هواها. وحتى نتجنب ترويج الأخبار المكذوبة وتضليل الرأي العام، فإن الصحافة الصحية المتخصصة أصبحت مطلبا ملحا أكثر من ذي قبل، خاصة مع السيل الجارف من البيانات والمعلومات التي تتطلب التمحيص والتدقيق، ومن هذا المنطلق فإننا نقترح التزام الصحف ببناء قاعدة بيانات من المتخصصين والباحثين السعوديين يقومون بمراجعة الأخبار والتقارير والتحقيقات الصحفية، وتنقيحها قبل عملية النشر، ومن ثم يتم الدفع لمن يقوم بالمراجعة بنظام القطعة في ذات الوقت، لهذا إننا نهيب بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية بضرورة الانفتاح على التخصصات الجديدة.

ولما كانت الصحافة الصحية تخصصا قائما بذاته يحجم كثير من الممارسين الصحيين عن دراسته رغم رغبتهم الشديدة في سبر أغواره، غير أن القلق من رد فعل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وعدم النظر لهذه التخصصات بعين الاهتمام يجعل الممارسين الصحيين يبحثون عن المضمون.

إن مسؤولية الهيئة السعودية للتخصصات الصحية والمخططين في مجال الاستراتيجية الصحية لا يقل أهمية عن الدور المنوط بالصحف، فإن كانت الأخيرة مسؤولة عن مصداقية ما ينشر على أوراقها فإن الهيئة والقائمين على التخطيط الاستراتيجي تحمل على عاتقها المسؤولية الأكبر في تأهيل المتخصصين في التحرير الصحفي، خاصة أن المملكة العربية السعودية قد التزمت ببناء رأس المال البشري في مجال الصحة العامة، وحين نتكلم عن الصحة العامة تجدر الإشارة إلى أن ذلك يشمل كل التخصصات التي تندرج تحتها وتلك التخصصات ذات العلاقة.

وعلى الصحف حتى إشعار آخر أن تبدأ وبجدية في محاسبة أي محرر يثبت عليه بالدليل تحريره ونشره أو مساهمته في خبر تسبب في تضليل الرأي العام، ولأن الصحة أغلى ما قد يملك الفرد، لا مجال فيها للتسامح.