من لم يغش فليس منا..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 29 يناير 2019

Tue - 29 Jan 2019

No Image Caption
عبدالله المزهر
قرأت ـ كما يفعل الناس ـ أن الملحقية الثقافية السعودية في أمريكا قد حذرت الطلاب السعوديين هناك من مغبة مخالفة قوانين الهجرة، وهذا جميل بالطبع، أعني التحذير وليس المخالفة، أما المشكلة التي كانت وراء هذا التحذير فهي إعادة طلاب سعوديين من مطارات أمريكا بعد وصولهم إليها بسبب «غشهم» في أداء الواجبات، واستعانتهم بمواقع تقوم بذلك نيابة عنهم.

وقال الملحق الثقافي السعودي في أمريكا لهذه الصحيفة «إنه في حال شكت الجامعة أن الواجب لم يؤده الطالب بنفسه، فتتم الاستعانة بمواقع لكشفه، وفي حال ثبوت المخالفة تخطر الجامعة دائرة الهجرة التي بدورها تلغي تأشيرة الطالب وإقامته وتضعه على قائمة الممنوعين من دخول أمريكا في حال كان خارجها. أما إذا كان داخل أمريكا فيفصل من الجامعة ويطلب منه البحث عن جامعة أخرى». ا.ه

والحقيقة أن مثل هذه المشاكل سببها اختلاف الثقافات، فحل الواجبات وكتابة البحوث عن طريق آخرين ربما يكون مجرما في أمريكا لكنه من عاداتنا وتقاليدنا العربية الأصيلة، التي يصعب التخلي عنها، ويندر أن تجد طالبا، سواء كان في المرحلة الابتدائية أو في المراحل النهائية من أطروحة الدكتوراه، لا يستعين بمن يكتب له أو يحل له الواجب أو يرسم له عملا فنيا.

بل إن بعض المعلمين والمعلمات في مراحل التعليم العام التي يفترض أنها المكان المخصص لبناء الطالب يغضبون من الطالب سيئ الخط حين يكتب مشاركته بنفسه، ويطلبون منه أن يبحث عمن يكتبها له، وربما اعتبروا أهله بخلاء لا يريدون صرف المال على تعليم المخلوق الذي تسببوا في وجوده.

ومن حسن حظنا أن دولتنا لا تمنعنا من دخولها بسبب هذه العادة لأن هذا كان سيؤدي إلى أن يكون الشعب ـ وربما الحكومة ومؤسساتها ـ كلهم في المنفى، ونحن لا نفعل ذلك من باب الغش أو الخداع لا سمح الله، ولكننا نفعل ذلك من باب التعاون على البر والتقوى والعمل الصالح، وأي عمل صالح أفضل من طلب العلم، والكل يبحث عن أجر المشاركة وثواب العطاء، ولذلك تنتشر دكاكين «خدمات الطالب» وتجدها بالقرب من الجامعات والمدارس كأنها الأشجار على ضفاف الماء الجاري.

وخدمة الطالب تعني حل واجباته وتلخيص مقرراته وبيع ملخصات الأساتذة، وتجميع أسئلة الأعوام السابقة وإجاباتها وكتابة البحوث، وفي القريب ربما توفر هذه الدكاكين من يناقش البحث نيابة عن الباحث، ولا ضير في ذلك فالتعاون في طلب العلم عمل نبيل ويدل على محبة للعلم وأهله، وليس العكس كما يظن الأمريكان وبقية أصقاع دول بني الأصفر والأحمر الذين يعتبرون ذلك غشا يطردون من أجله الطلاب من مقاعد الدراسة.

وعلى أي حال..

أخشى ما أخشاه أن يتأثر أبناؤنا في الغربة بعادات أولئك القوم ويعتبروا الاستعانة بالآخرين في كتابة البحوث وحل الواجبات غشا مجرما، وهذا سيؤدي إلى خلل فيما وجدنا عليه تعليمنا، لكن المطمئن في الأمر أن نسبة لا بأس بها من المبتعثين يعودون ولم يتغير في عقلياتهم إلا معرفة بعض الكلمات الأجنبية، أما بقية الأمور فهي على حالها الذي كانت عليه في المرحلة المتوسطة.

agrni@