ناصر الهزاني

كيف يضلل الرأي العام بالأخبار المزيفة؟

الاثنين - 28 يناير 2019

Mon - 28 Jan 2019

شهدت الأزمة الأخيرة حول وفاة المواطن السعودي في تركيا نشر العديد من الأخبار المفبركة، وقد وقع العديد من وسائل الإعلام العالمية ووكالات الأنباء في فخ الأخبار الكاذبة، حيث تداولت بعضها مواد إعلامية مضللة وشائعات انتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ونسبتها لمصادر سعودية دون أن تحقق أدنى مقاييس المهنية والتأكد من مدى صدقيتها، بالرجوع للجهات الرسمية السعودية لطلب الاستفسار عن صحة تلك المعلومات.

يأتي هذا الكم الهائل من الأخبار الزائفة في ظل تكاثر حسابات وهمية آلية في شبكات التواصل الاجتماعي، تهدف إلى الإساءة للمملكة وتضليل الرأي العام تجاه جهود السعودية في هذه القضية.

إن المتابع لما تم بثه خلال الفترة الماضية حول قضية المواطن السعودي يرى أن كمية الشائعات كانت مكثفة وتسعى لصرف الأنظار عن الحقائق التي أعلنتها المملكة للرأي العام العالمي بهذا الخصوص.

مؤخرا وفي تحليلها لبعض مواقع الأخبار كشفت وكالة رويترز العالمية للأنباء عن وجود عدد كبير من المواقع الإخبارية والحسابات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي عملت على استغلال قضية المواطن السعودي لشن حرب إعلامية ضد السعودية، عبر نشر معلومات غير صحيحة ونسبتها لوسائل إعلام سعودية ولوكالة الأنباء الرسمية «واس»، لتضليل وإيهام الرأي العام بصدقية أخبارها.

ربما لم تنل قضية هذا الكم الكبير من تزييف الحقائق كما نالت هذه القضية، ومن أمثلة ما تم بثه من أخبار كاذبة حول الموضوع ما نشر بتاريخ 20 أكتوبر عبر موقع صحيفة الكترونية ادعت في تقرير مزيف لها قرب تغيرات في رأس الهرم في السعودية، ونسبت هذا الخبر إلى وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

التقرير المزيف الذي تم نشره وطريقة صياغته والصورة المصاحبة له لم يسبق أن نشرت وكالة الأنباء السعودية «واس» مثلها، حيث إنه لا يتسق مع الأسلوب التحريري للوكالة، كما أن مضمونه يتحدث عن ولي عهد سابق.

هذه الأخبار التي تنشر والتقارير الكثيفة التي تتم نسبتها إلى مصادر مجهولة غير معروفة تأتي كجزء من حملة إعلامية هي الأكثر شراسة ضد السعودية، إذ من الواضح الجهد الذي تبذله تلك المواقع والحسابات الوهمية لمحاولة تشويه صورة المملكة العربية السعودية وإحداث نوع من الارتباك والبلبلة والتشكيك بالحقائق والمعلومات التي نشرتها الجهات الرسمية السعودية، وفرض صورة نمطية مغايرة عنها لدى الرأي العام العالمي.

وكالة رويترز التي أجرت التحليل ذكرت أن موقع صحيفة الأوطان الالكترونية الذي بث تلك الأخبار والتقارير الكاذبة يعد واحدا ضمن شبكة موسعة تتألف مما لا يقل عن 53 موقعا، تدعي أنها منافذ إخبارية باللغة العربية، شاركت في نشر معلومات زائفة عن الحكومة السعودية وعن وفاة المواطن السعودي. كما اكتشفت رويترز من خلال تحليلها أن هذا الموقع يعمل منذ عام 2017 ومتخصص بنشر الأخبار المزيفة ضد المملكة.

موقع توتير بدوره أوقف بعد ذلك تلك الحسابات، بعد أن تلقى مجموعة من الاستفسارات من رويترز عنها.

إن الحملة الإعلامية الأخيرة ضد السعودية لم تكن الأولى، ولكنها ضمن سلسلة من الحملات الموجهة، حيث سبقها في أغسطس الماضي هجوم عدد من المواقع الإخبارية الوهمية بهدف نشر معلومات مضللة عن المملكة.

من المهم في المرحلة المقبلة تضافر كل الجهود بين مختلف الجهات الرسمية المعنية في المملكة لرسم استراتيجية واضحة المعالم تجاه الأخبار والمواد الإعلامية المزيفة، وعدم إفساح المجال لترك الفضاء الالكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي لبث الأخبار المضللة، إذ لا بد من التواجد الإعلامي الفاعل والمؤثر مع مستخدمي الشبكات الاجتماعية وتزويدهم بالجديد من الأخبار والتقارير على مدار الساعة، باستخدام أحدث وسائل التقنية والتأثير والإبهار في المحتوى والشكل والصورة لجذب الجمهور وكسب ثقته.