عبدالله المزهر

عبيد الحرية..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 23 يناير 2019

Wed - 23 Jan 2019

لن تنجو، هكذا بكل بساطة، أنت محاصر من كل اتجاه وحياتك تتحول إلى معركة نهايتها هي نهايتك.

ودعاة الحرية الكبرى الذين يحاصرونك من كل مكان يستهدفون حريتك الصغيرة. والحرية المطلقة ليست موجودة، لم تخلق من الأساس. الحرية هي حرية اختيار القيد، أن تختار عبوديتك بمحض إرادتك.

في العالم المتقدم، معقل دعاة الحرية الحديثة ومنبعها أنت لست حرا في أن تكره وتمقت وتشمئز من المثلية الجنسية، حريتك لا تعطيك الحق في اعتبار الشذوذ شذوذا. توافق صناع معايير الحرية على اعتبار هذه «القذارة» شيئا طبيعيا لا يحق لأحد من خارج تلك المنظومة أن يعتبرها غير ذلك. ستتهم بالعنصرية والتخلف بل وبالشذوذ، ستكون شاذا منبوذا في وسائل الإعلام وتغلق حساباتك في وسائل التواصل لأنك تكره الحرية المستحدثة.

وهذا يعني أنه حتى مع اعتبار الحرية هي حرية اختيار القيد، فإن هذا لم يعد متاحا، ليس من حقك اختيار «التخلف» عن قطار حريتهم هم وبمواصفاتهم هم وبالطريقة التي يريدون.

من حقك حسب المعايير الحديثة للحرية أن تشتم دينا وأن تسخر من نبي، لكنك لست حرا في السخرية من تفكير «مخنث» يعتقد أن الطريقة المثلى في الحياة هي أن يتزوج ابن جيرانهم.

في المسلسلات والأفلام الغربية التي تم إنتاجها في السنوات الأخيرة لا بد من إقحام مشهد أو قصة جانبية عن علاقة حب شاذة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بخط سير الأحداث ولا بالتسلسل الدرامي، بل أحيانا بطريقة تفتقر للمنطق حين تحشر مثل هذه المشاهد في قصص تاريخية كان الشذوذ الجنسي في وقت حدوثها تصرفا قذرا، كما يفترض أن يكون في كل عصر.

هم إلى الآن لم يعتبروا «اشتهاء الأطفال» ـ على سبيل المثال ـ تصرفا سلوكيا طبيعيا، لا زال مستقبحا كما كان الشذوذ قبل سنوات ليست بالبعيدة، ولكن حين يصبح الشذوذ هو القاعدة فإنه لا مشكلة في الانتقال إلى المرحلة التالية، وتصبح القوانين تعاقب من يحتقر اشتهاء الأطفال وتصبح الأفلام والمسلسلات مليئة بمثل هذه القصص لإقناع الناس أن هذه الحياة الطبيعية للكائنات البشرية.

هم يمتلكون الأدوات وعناصر «فرض» الحرية بالقوة، سواء القوة الخشنة أو القوة الناعمة، وستتبعهم الأمم المهزومة فكريا وثقافيا، وستسن الأمم المتحدة قوانين ومعاهدات تناسب الحرية الجديدة حسب المواصفات التي يصنعها «السادة».

وعلى أي حال.. حتى وإن آويت إلى جبل يعصمك من طوفان «عبادة الحرية» فلن تكون بمعزل، فأغمض عينيك وانتظر النهاية، وتجاهل كل ما يدور حولك، تخيل ما تريد أن ترى وما تريد أن تسمع، اخلق عالما صغيرا جميلا في رأسك قبل أن تفقده، تماما كما يفعل المحكومون بالإعدام وهم ينتظرون الرصاصة الأخيرة، رصاصة الخلاص.

@agrni